كتب محمد دهشة في صحيفة نداء الوطن تحت عنوان “أصغر مرشد سياحي في صيدا”:
يفتخر الفتى عبد الرحمن مصطفى الفرّان (10 سنوات) بلقب أصغر مرشد سياحي في صيدا القديمة، وبأنّه يجول مع السيّاح اللبنانيين والأجانب أحياناً ليرشدهم إلى المعالم الأثرية والتاريخية وقد حفظ مواقعها وأماكنها عن ظهر قلب، مع بعض المعلومات الرئيسية عنها والتي يرغب كل سائح بمعرفتها.
تشتهر مدينة صيدا بالمعالم الاثرية، وتسعى قواها السياسية والبلدية والأهلية إلى تنشيط السياحة إليها كواحدة من أجمل المدن الساحلية اللبنانية، وقد جاء شهر رمضان المبارك ليجذب المواطنين إليها من مختلف المناطق نظراً للنشاطات التي كانت تنظّم فيها.
ويقول الفرّان لـ»نداء الوطن»: «نعيش في منزل متواضع في صيدا القديمة، وقد أصيب والدي بمرض القلب واضطر إلى تلقّي علاج طويل وتوقّف عن العمل قسرياً، فيما والدتي تعاني من الديسك، والعائلة ليس لها معيل، فقرّرت العمل بأي شيء لأساعد في مصروف البيت».
ويروي الفرّان «أنّ جولات السيّاح في أحياء وحارات المدينة القديمة كانت تسترعي انتباهي فبدأت أتبعهم وأتحدّث مع مرشدهم السياحي، وأحياناً أعرض عليهم مساعدتهم في التعرّف على المعالم والأماكن الأثرية والتاريخية والخانات والمتاحف إذ ليس لديهم أحد، كانت الفكرة تلقى قبولاً وهكذا انطلقت في رحلة السياحة كمرشد من دون أن يكون هناك أجر محدّد، ولكن بعد الإنتهاء كانوا يكرمونني بما يطيب به خاطرهم والحمد لله».
يعيش الفرّان بين أسرة متعفّفة، يتلقّى دروسه الابتدائية (في الصف الثالث) في مدرسة عكّا التابعة لوكالة «الاونروا» الكائنة في ساحة باب السراي، قبل أن ينتقل إلى مدارس الإيمان منذ اسابيع لتحسين لغته الانكليزية، وله ثلاثة أشقاء ما زالوا يتلقون التعليم. ويقول: «الأزمة المعيشية فتكت بالناس وحوَّلت الكثير من العائلات فقيرة لا تستطيع تأمين قوت يومها، لذلك بات الاولاد منذ صغرهم يفكرون بكيفية مساعدة ذويهم وأنا منهم، أتمنّى أن يشفى والدي مجدّداً ويعود إلى مزاولة عمله».
بعد الإنتهاء من دوام المدرسة وخلال العطل الأسبوعية والرسمية يغادر الفرّان منزله بحثاً عن مجموعة سياحية وافدة، ينتظر قرب القلعة البحرية المحطة الاولى حيناً أو عند خان الافرنج المحطة الثانية أحياناً، ليصطحب إحداها في جولة تتنوّع بين الأسواق الشعبية والمعالم الأثرية والأماكن التاريخية. ويقول: «السياح وغالبيتهم من اللبنانيين يفضّلون التجوال في الأسواق الشعبية وزيارة بعض الأماكن التراثية، وأبرزها: كنيسة الارثوذكس، خان صاصي، قصر دبّانة، متحف عودة، ساحة باب السراي، إضافة إلى القلعتين البحرية والبرية وخان الافرنج، لقد حفظت مواقعها عن ظهر قلب وأشرح لهم بعض تواريخها، ما زلت صغيراً ولكنني أسعى دوماً إلى زيادة معرفتي لأنني حين أكبر أريد أن اتعلّم ما يختصّ بالسياحة».
خلال الجولة، يتبادل الفرّان أطراف الأحاديث مع السيّاح، وأحياناً باللغة الانكليزية، إذا كانوا من الأجانب، ويؤكّد «أشعر بالفخر لأنني أُساعد عائلتي من جهة وأوفر مصروفي. لقد اصبحت معروفاً ومشهوراً بين رفاقي، العمل ليس عيباً وسأتفرّغ للعلم والعمل معاً، حتى أحقق طموحي بأن أصبح مرشداً سياحياً، أحبّ صيدا كثيراً وأعشق معالمها وواثق من النجاح».
خلال شهر رمضان المبارك، برز نجم الفرّان وذاع صيته، اذ رافق وزير البيئة ناصر ياسين في جولته في صيدا القديمة، كما وزراء ونواب حاليين وسابقين ومع وافدين كثر، كان يظهر في كل منها وكأنه يرسم خريطة طريق للمواقع التي لن تملّ أقدامه من السير إليها في مسيرة الحياة.
اترك ردك