رغم التحديات الكبيرة.. المدارس والثانويات الرسمية في القرى الحدودية المدمرة لن تنتظر إعادة الإعمار لتأمين التعليم لأبنائها العائدين

كتبت فاتن الحاج في صحيفة “الأخبار”:

رغم التحديات الكبيرة، حافظت المدارس والثانويات الرسمية في القرى الحدودية المدمرة على كياناتها واستمراريتها، ولن تنتظر إعادة الإعمار لتأمين التعليم لأبناء أسرها العائدة على وجه الخصوص.

 

على مسافة أسبوع من بدء العام الدراسي، تصارع المدارس والثانويات الرسمية في القرى الحدودية من أجل البقاء على قيد التعليم. تستعد الإدارات بـ«التي هي أحسن» للعودة الحضورية إلى الصفوف، الخيار الأوحد المتاح هذا العام، مع تفاوت بين مدرسة وأخرى.

فالمدارس المتضررة بالعدوان الإسرائيلي رمّمت مبانيها وأنجزت أعمال الصيانة، فيما بحثت المدارس والثانويات المدمّرة كلياً عن مبانٍ بديلة في القرية نفسها أو الجوار، لاستقبال طلاب اختار أهاليهم العودة إلى قراهم، وسط تحديات كثيرة أمنية وتربوية، ومنها تأمين كلفة انتقال الطلاب إلى المدارس، وسد النقص في أعداد الأساتذة، بعدما التحق بعضهم بالمدارس الواقعة في أماكن نزوحهم، علماً أن «المناقلات» لم تصدر بعد.

حتى الآن، لم توضع أحوال هذه المدارس على جدول أعمال الحكومة، واقتصر تدخل وزارة التربية على إعطاء الموافقات لاستخدام مبانٍ تابعة لها، مع وعود بإمداد المدارس ببعض التجهيزات المكتبية المتوافرة في مستودعاتها، في حين أن الثقل الأكبر ألقي على عاتق البلديات واتحادات البلديات ومجلس الجنوب.

ما تشدد عليه وزيرة التربية، ريما كرامي، هو عدم بقاء أي طالب خارج المدرسة، وعدم اعتماد التعليم «أونلاين». كرامي اكتفت بالقول إن الطلاب والأساتذة في المدارس المدمّرة يلتحقون بالمدارس في أماكن النزوح، في حين تستقبل المدارس التي أعيد ترميمها الطلاب بصورة طبيعية، على أن يتابع المديرون أحوال طلابهم الذين تسجلوا في مدارس أخرى.

لكن كرامي لم تجب عن سؤال «الأخبار» بشأن قرار بعض المدارس الرسمية باستقبال الطلاب من أبناء المنطقة أولاً، ثم استقبال الطلاب من مناطق أبعد جغرافياً، وما إذا كان هذا القرار يسري على الطلاب النازحين من القرى الحدودية الذين لا يملكون خيار البقاء في مدرسة القرية.

في واقع الحال، يجهد مديرو المدارس والثانويات للحفاظ على كيانات مدارسهم واستمراريتها ولم يقفلوا أبوابها، وإن كانت حركة التسجيل في هذه المدارس لا تزال بطيئة، والمديرون يستبعدون انتظام العام الدراسي في موعده المقرر في 15 أيلول، وينتظرون قراراً بالتأجيل، ريثما يتدبر الناس أمورهم. مدير ثانوية ميس الجبل، فرج بدران، وُعد بتسليمه مجمع «الغرف الجاهزة» خلال 10 أيام، وأشار إلى «أننا لا نبحث عن طلاب، إنما استقدمنا الغرف لمنح فرصة التعليم لأبناء نحو 500 أسرة عادت إلى البلدة واستقرت فيها».

 

إيجاد مبنى بديل لثانوية عيتا الشعب لم يكن مهمة سهلة، على ما قاله مديرها محمد دروبي، إذ استلزم الأمر وقتاً وجهداً إلى أن استقر الرأي على طبقة في مبنى في البرج الشمالي في صور، علماً بأن طلاب الثانوية الذين تسجلوا حتى الآن وعددهم 120 (كانوا 280 طالباً العام الماضي) سيأتون إليها من ثلاثة خطوط مختلفة، ما يتطلب توفير باصات لنقلهم أو دفع كلفة النقل، وهو ما تكفلت البلدية والأحزاب بدفع جزء منه. وفي حين قدمت الإدارة طلباً إلى وزارة التربية لتجهيز المكان، أبدت البلدية استعدادها لتأمين الألواح.

بعض أساتذة ثانوية عيتا الشعب الذين يحضرون إليها من رميش، سينتقلون إلى ثانوية بنت جبيل التي ستفتح أبوابها للطلاب بعد إعادة ترميمها. أما ثانوية مروحين المدمرة أيضاً، فقد انتقلت، بعد موافقة من وزارة التربية، إلى مبنى ثانوية صور المختلطة لتشغل فيها 8 قاعات، على أن يكون لها مدخل مستقل عن ثانوية صور، إلا أن مدير «مروحين» علي عون لفت إلى أن «حركة التسجيل ضعيفة، فمن أصل 75 طالباً العام الماضي، تسجل حتى الآن 40، وهناك 10 طلاب أخذوا إفادات للتسجيل في مدارس قريبة من أماكن نزوحهم، والباقي لا نعرف عنه شيئاً».

ولثانوية عيترون وضع خاص، فقد رُمّمت وتستعد لاستقبال طلاب القرية الذين فاقت عودتهم الـ 50 في المئة، وإن كان بعض الطلاب قد سحبوا إفاداتهم للتسجيل في أماكن نزوحهم. وكانت هناك مبادرة من البلدية بدعم التسجيل بمبلغ 10 ملايين ليرة لكل تلميذ، علماً بأن الرسم هو 13 مليوناً للتلميذ اللبناني و19 مليوناً لغير اللبناني.

ومع أن عودة الأهالي إلى بلدة حولا لم تتجاوز 240 أسرة وأن 80 في المئة من الطلاب لا يسكنون في البلدة، كانت هناك مساعٍ لعدم إقفال مدرستها الابتدائية والمتوسطة المدمرة حالياً، أمام الأسر العائدة. وأكدت مديرة المدرسة، عتاب قاسم، «أننا سنشغل طبقتين من مركز الرعاية الاجتماعية، وعدد التلامذة فاق الـ 60 حتى الآن، ولكن هناك تحديات لتأمين التجهيزات والمعلمين ونقل التلامذة، باعتبار أن الجزء الأكبر من الأسر العائدة يعاني من وضع اقتصادي صعب».

إدارة مدرسة مركبا الابتدائية المدمرة اختارت مبنى في طلوسة المجاورة، وتسجل فيها حتى الآن 60 تلميذاً (45 من مركبا و15 من طلوسة)، علماً بأن 80 في المئة من أبناء البلدة نازحون في بيروت والنبطية وصور. المعضلة الأساسية، بحسب مديرة المدرسة، راوية شيت، هي تأمين المعلمين، فالمديرة هي الموظفة الوحيدة في الملاك، وليس هناك معلمون متعاقدون وفق الأصول، بل متعاقدون على حساب البلدية التي توقفت عن إعطائهم مستحقاتهم، فيما أوقفت وزارة التربية الحوافز التي يتقاضونها.

 


Exit mobile version