اكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ان منطقة بعلبك – الهرمل “هي جزء من الدولة، وابناءها كانوا دوماً في موقع الانتماء لها وفي كنفها”، مشيراً الى ان “العشائر نعمة، يجسّدون المبادئ والمروءة والخير والشجاعة والكرم”، داعياً الخارجين عن كنف الدولة من هذه المنطقة للعودة الى احضانها “فأنتم اولاد الدولة والدولة تريد احتضانكم”.
ولفت الرئيس عون الى انه يعرف تماماً التحديات والصعوبات التي يواجهها ابناء هذه المنطقة، ويتابع بشكل يومي ما يحصل على الحدود مع سوريا. وقال: “نحن ملزمون بحمايتكم، فكفاكم حرمانا وابتعاد الدولة عن منطقتكم التي لا يمكن اهمالها، فأنتم مؤمنون بالدولة، وعلى الدولة أن تؤمن بكم وأعدكم، خلال ولايتي، ان تذهب الدولة اليكم وليس العكس”.
مواقف رئيس الجمهورية جاءت خلال استقباله في قصر بعبدا وفد عشائر بعلبك الهرمل.
كلمة وفد العشائر
في مستهل اللقاء، تحدث السيد طلال شمص باسم الوفد فقال: “جئناكم من أقاصي البقاع، نحن عشائر وعائلات بعلبك – الهرمل، حاملين أسمى آيات التقدير والتهنئة بإنتخابكم رئيسا للجمهورية اللبنانية بعد فترة من الشغور الرئاسي، ويسعدنا ان يكون شخصكم الكريم من يملأ المنصب الأول في الدولة. هذا الإنتخاب يا صاحب الفخامة، كان والحمد لله مدخلا ومفتاحا لإنتظام المؤسسات الدستورية، بدأ بتشكيل حكومة جديدة نأمل ان تكون على مستوى المرحلة الصعبة والتحديات التي يواجهها وطننا الحبيب لبنان.
أضاف: “ما جئنا اليوم لنعرض همومنا وشؤوننا المزمنة، فأنتم تعلمونها جيدا ومطلعون عليها كما نحن نعرفها، لا بل أكثر، فقد عشتم معنا أحلك ظروفنا، ضابطا مقداما وقائدا لجيشنا الوطني الحبيب، ودافعتم عن بلداتنا وحدودنا يوم جارت علينا الأحوال، فرفعتم عنا الضيم، وأسهمتم في تحرير بلدنا من القوى التكفيرية. الا أن احداثا جسام طرأت في الفترة الأخيرة على منطقتنا في حدودها الشمالية الشرقية، وتراكمت جروحا وندوبا في جسدنا بسقوط الشهداء والجرحى، فبادرتم على وجه السرعة الى معالجتها من خلال تعزيز حضور جيشنا الحبيب في تلك المنطقة. وقد جئناكم اليوم شاكرين موقفكم هذا، معولين على دوركم ومؤكدين لكم تعاوننا الكامل مع الجيش في ضبط حدودنا وحماية أهلنا وتأكيد سيادة لبنان على كامل أرضه.”
وقال: “لكن هذه الأحداث يا فخامة الرئيس لم تنته عند هذا الحد، فنتيجتها عشرات الآلاف من اللبنانيين قد نزحوا عن قراهم في الجانب السوري، وهؤلاء تجمعهم بتلك الأرض صلة نسب وقربى وأملاك قديمة العهد. هم يقيمون اليوم في منطقتنا في ظروف صعبة للغاية تستدعي الرعاية والإحتضان، آملين تدخلكم لإعادتهم الى مناطقهم وأرضهم.”
وتابع: “لا نريد، فخامة الرئيس، أن نلقي على عاتقكم المزيد من الهموم والأعباء، لكننا نؤمن تماما أنكم لا تعدمون وسيلة لمواجهة هذه الأزمة الجديدة الملقاة على عاتق أهلنا في المنطقة، وأنتم تعرفون جيدا أوضاع منطقتنا وما يسودها من حرمان مزمن نتيجة الإهمال الواضح للعهود المتعاقبة. فلطالما وُعِدنا بالإنماء المتوازن، الّا أننا لم ننل منه الّا النذر القليل. ونحن نعوَّل الكثير على عهدكم في رفع الحرمان عن هذه المنطقة، بما يؤول الى زوال الكثير من المشاكل والتجاوزات المزمنة التي دفعت بعض شبابنا الى سلوك دروب غير سويَّة.”
وختم بالقول: “لا نريد، فخامة الرئيس، ان نطيل عليكم، لكننا نؤكد لكم ان رهاننا هو الدولة، ثم الدولة، ثم الدولة. الدولة التي تحمي حدودنا الجنوبية وتحرر ارضنا من دنس العدو الاسرائيلي وتحمي أهلنا وتوفر عليهم المزيد من الدم والدمار وسيل الشهداء.”
رد الرئيس عون
وردّ الرئيس عون مرحّبا بالوفد، وقال:” الدولة ثم الدولة” فأنتم ابناء الامام موسى الصدر الذي دعا الى بناء الدولة. صحيح ان الدولة، ولفترة طويلة، غابت عن منطقتكم إلا ان انتماءكم بقي لها وكنتم في كنفها، وللأسف، كانت بعيدة عنكم وعن منطقتكم” .
اضاف: “عشت معكم وانا اعلم بمختلف المشاكل التي تعانون منها، وعندما كنت في قيادة الجيش، حاولت، ضمن الامكانات المتاحة، مساعدتكم. وانا لم انس اهل الهرمل والبقاع، والمنطقة التي قدّمت خيرة شبابها ووقفت الى جانب الجيش في احلك الظروف، وستكون في صدارة اهتماماتي، وعلى الدولة ان تقف الى جانبها “.
وكشف رئيس الجمهورية عن متابعته الحثيثة لما حصل على الحدود مع سوريا واعطائه التوجيهات اللازمة بما يحفظ امن وحماية المدنيين، متحدثاً عن القيام باتصالات مع الجهات السورية المعنية لمتابعة هذا الموضوع، و”اعطيت تعليمات خاصة لقيادة الجيش للرد على مصادر النيران لتأمين حماية أهلنا في هذه المنطقة، فأنتم أبناءنا ونحن ملزمون بحمايتكم، فكفاكم حرمانا وابتعاد الدولة عن منطقتكم التي لا يمكن اهمالها”.
واستذكر الرئيس عون كلمة الامام موسى الصدر عندما قال: ” الطوائف نعمة ، ولكن الطائفية نقمة”، واضاف: “اقول لكم ان العشائر نعمة، ونحن نرى فيكم المبادئ والمروءة والخير والشجاعة والكرم، وللخارجين عن كنف الدولة اقول: انتم اولاد الدولة والدولة تريد احتضانكم” داعياً اعضاء الوفد الى المساهمة في اعادتهم الى احضان الدولة وكنفها”.
وختم الرئيس عون اللقاء بالقول:” عيني عليكم، وعلى منطقتكم وانا اتابع يومياً بشكل تفصيلي ما يحصل على الحدود في منطقتكم من خلال وحدات الجيش المنتشرة هناك، وسأبذل ما في وسعي لمساعدتكم والوقوف الى جانبكم كما كنت في قيادة الجيش، فأنا رئيس جمهورية لبنان كله، ولن اترككم، وهناك مشاريع عدة لهذه المنطقة سنعمل على وضعها قيد التنفيذ لاحقاً”.
وشكر رئيس الجمهورية الوفد على زيارته في هذه الظروف المناخية الصعبة من منطقة البقاع، مشيراً الى أن :”هذه الزيارة تدل على محبتكم لي التي هي اهم من ابعد المسافات، ما يزيد من مسؤوليتي لأكون الى جانبكم، فواجباتي كرئيس للجمهورية ان اكون بخدمتكم وقد جئت لخدمة اللبنانيين جميعاً من دون استثناء، ولهذه المنطقة المتروكة مكانة خاصة في قلبي، وكنت دوماً أسأل نفسي عن سبب هذا الحرمان الذي تعاني منه، وما هو الخطأ الذي ارتكبته هذه المنطقة بحق الدولة لتكون بعيدة عنها. فأنتم مؤمنون بالدولة، وعلى الدولة أن تؤمن بكم وأعدكم، خلال ولايتي، ان تذهب الدولة اليكم وليس العكس، لأنكم منها وفيها ونريد منكم مساعدتنا لتحقيق ذلك”.
اترك ردك