لم يكن عصر يوم السبت الواقع فيه 9/1/2023 نهارًا عاديًا في مدينة النبطية، جنوب لبنان، حيث شهد مسرح ثانوية حسن كامل الصبّاح حفل توقيع كتاب “أيام مئات في إيران قبل الثورة” الذي تحوّل إلى احتفال تكريمي حاشد لمؤلفة الكتاب الدكتورة دلال عبّاس برعاية وحضور وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى. وقد حضر الحفل رئيس كتلة الوفاء للمقا.ومة النائب الحاج محمد رعد وممثلين عن النائبين ناصر جابر وهاني قبيسي ومحافظ النبطية الدكتور حسن فقيه ورئيس مراكز الأونيسكو الدكتور مصطفى بدر الدين وحشد كبير من الشخصيات السياسية والحزبية والنقابية والتربوية، والفعاليات الثقافية والإعلامية والفنية والأدبية، ورؤساء وأعضاء جمعيات المجتمع المدني.
عطوي
الاحتفال الذي دعت إليه وزارة الثقافة ودار الأمير وثانوية حسن كامل الصبّاح والمجلس الثقافي للبنان الجنوبي وجمعية تقدم المرأة وهيئة العطاء المميز بدأ بالنشيد الوطني اللبناني، وقد أدار الحفل الأستاذ عبد المنعم عطوي، الذي جاء في كلمته الافتتاحية: حين يصبُح الوطنُ حقيبةَ سفر، ويلوذ النَّاسُ بالطوائف، وتنحدر السياسةُ إلى الحضيض، نلوذ بالثقافة.. نعود إلى الفكرة البكر، إلى الينابيع الصافية، نتطَّهرُ من أدران الطائفيَّةِ والمذهبيّة، ونبني جسور التواصل ونعيد للوطن وجهَهُ الأصيلْ.. وفي السنين العجاف حين تنطفئ جذوةُ الخلق والإبداع نلوذ بحسن كامل الصبّاح، وبالمبدعين على امتداد الوطن، فيبتكرون لنا شموسًا ونجومًا ونهارات، تضيءُ أيامنا وأحلامنا والأمنيات. وحين يرخي الليلُ سدولَه، ويخيّمُ في الأرجاء ظلامٌ دامس، نلجأ إلى محمد وسام المرتضى، الذي يصنع الضّوءَ في وسط العتمة، يقاوم اليأسَ بالأمل والحزنَ بفرح العطاء، وحينما ينشب الجهلُ أظفاره، ويبلغ التزوير مداه.. نلوذ بدار الأمير، حيث النور الأسود (“أي الحبر” كما يعبر أمين نخلة) حيث عطرُ الدفاتر، وعبقُ الورق، فيكتبُ لنا الحقيقةَ بأحرف من ذَهب.. وينشُدها في دنيانا الواسعة.. وحين يكثر المنجمون والطبَّالون، ويرتفع صوت الباطل؛ نلجأ إلى دلال عباس.. هذا الصوت الطالعُ من أوجاع والمعذبين والتي صنعت على عينها أجيالًا وأعمارًا على امتداد السنين. والتي ما زالت تدهشنا كلَّ يوم وتفاجئنا بنتاجها الفكري والأدبي والثقافي، نلجأ إليها لنعيد بالقلم والدَّواة، بالمداد النقيَّ الذي يقارب دم الشهداء، لنعيد الأمور إلى نصابها حتى لا يتساوى الضحيَّةُ والجلاد، وكي لا تلتبس الخيانة بالوطنية وبالانفتاح”. وختم عطوي: ” والشكر للمجلس الثقافي للبنان الجنوبي الذي شرفني بإلقاء كلمته.”
المرتضى
الكلمة الأولى كانت لوزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، وممّا جاء فيها: “أيام مئات في إيران قبل الثورة، كتاب جديد يُضافُ إلى المكتبة العربية بتوقيع الدكتورة دلال عبّاس التي صرَفَت قلمَها إلى شأنٍ جليلِ المسارِ والتأثير يتمثل في بناء الجسور بين الثقافات وبخاصة العربيةِ والفارسية. وكما يُفْصِحُ العنوان تحاولُ الكاتبة أن تُقدّم للقراء صورةً كاملةَ الأجزاءِ عن أوضاعِ إيران قبل الثورةِ الإسلامية التي أطلقها الإمامُ الخميني وخضَّ بها تاريخَ بلادِه والتاريخَ العامَّ للإنسانية، بقوةٍ لا تزال ارتداداتُها تفعلُ فعلَها إلى اليوم”.
وأضاف: “إذا كانت الدكتورة عبّاس قد تعلّقت باللغةِ الفارسيةِ منذ أواخرِ الستينيات من القرن العشرين إبّانَ دراستها الجامعيةِ في الجامعةِ اللبنانيةِ الوطنية، فإنه شغفٌ لم يقتصرْ على الاكتسابِ الذاتيّ فحسبْ بل تعدّاهُ ليصيرَ عمليةَ تعريبٍ وتعليمٍ جامعي ونقدٍ ودراسةٍ مقارَنة، كانت الدكتورة عبّاس فيها صلة الوصلِ بين التراثين الفارسي والعربي، وكشفَت من خلالِها للأجيال العربية مقدار الترابط العضوي بين ثقافتين متجاورتين نمتا في حضن الإسلام يتجلياته المعرفية كافةً، وأخذت هذه من تلك وتلك من هذه عاداتٍ ومعتقداتٍ إيمانيةً ومفرداتٍ ومعانيَ ورسمَ حروفٍ وأساليبَ بيان، وبخاصة أبعادًا عرفانيةً وصوفيةً حتى امتزج التاريخان في سياقات متقاربةٍ إن لم نقل واحدة. وهذه حقيقةٌ يعرفُها جميعُ دارسي الحضارات أنَّ الحضارة العربية الإسلامية اشتركَ في صناعتِها أقوامٌ من غير العرب، وشعوبٌ غيرُ مسلمةْ، ذلك أن اتّساع رقعةِ هذه الحضارة من الأندلس حتى حدود الصين، ما كان لانتماءٍ واحدٍ أن يملأه، ولهذا تعدّدت إنجازاتُه وعَظُمَت بتعددِ مصادرها المعرفية وعظمتِها. أما الكلامُ السياسيُّ الذي يدور عندنا في بعض المجالس اللبنانية عن استتباعٍ وانقيادٍ وتنفيذ مشاريع، وما إلى ذلك من مفرداتٍ وتعابيرَ زائفة، فإنه كلامٌ ينطلقُ من هوًى وينطقُ عن هوًى، وينهارُ انهيارَ الرملِ أمام معطيات التاريخ التي تمليها قواعد العمران البشري. ولعلّ التفاتَ الدكتورة عبّاس بشكلٍ أساسيٍّ إلى الثقافة الإيرانية الحديثة، في كتابِها الذي ننتدي له اليوم كما في سائرِ كتبِها، ينمُّ عن مدى تأثّرها الشخصي بمفردات هذه الثقافة الإسلامية الإنسانية التي ترتبط أولًا وأخيرًا بمنظومة القيمِ التي من أهمِّ مبادئها العدالةُ ورفعُ المظلوميةِ والإخلاصُ للحقِّ حتى التضحية. وهذه مبادئٌ إيمانيةٌ وإنسانيةٌ ليس لها جنسية ولا انتماءٌ مذهبيٌّ أو مناطقي؛ ويحسنُ في هذا المجال أن أردِّدَ ما كنتُ قلتُه قبل مدة في الخطاب الذي ألقيتُه في المكتبة الوطنية أثناء الاحتفال بتكريم الدكتورة دلال عبّاس من أنها “مدّتْ يمناها إلى مجاني الفارسية، ويُسراها إلى شجرِ العربية، وطعَّمَتْ هذه بطعومِ تلك، وتلكَ بطعومِ هذه، واستخرجت من الثمار أحمالًا جديدةً يانعة، فأبطلَتْ بما فعَلَتْ قولَ المتنبي في مغاني شِعْبِ بَوّان عن أنَّ “الفتى العربيَّ فيها غريبُ الوجهِ واليدِ واللّسانِ”. لقد ألغى قلمُها الغربةَ التي يريدُ بعضُ الناسِ أن يبسطَها بين الثقافتين، وهتف بأعلى حبرِه: لا غريب بينهما سوى الشيطان… وتعرفون حتمًا من هو شيطانُ هذا العصرِ المزروعةُ قرونُه الاحتلاليةُ والتدميريةُ في أرضِنا”.
معلم
أما مدير ثانوية حسن كامل الصبّاح الأستاذ عبّاس شميساني الذي اعتذر عن الحضور بسبب وعكة صحية ألمت به حيث استناب الناظر العام للثانوية الأستاذ محمد حسين معلم، الذي قال: “على عتبة العام ٢٠٢٣، وفي نهاية الرّبع الأوّل من القرن الواحد والعشرين، قرن الكتاب الرّقميّ، والتّواصل الرّقميّ، والأمراض الرّقميّة، والطّاقة الرّقمية، نرحّب بكم في هذا الصّرح التّربويّ الّذي يحمل اسم العالِم حسن كامل الصّبّاح رجل النّور والكهرباء في وطنٍ عاجزٍ عقيمٍ مسلوب الضّوء والطّاقة والكهرباء، لكنّه يُصرّ على الأمل وعلى الحلم وعلى القيامة، بهمّة الصّادقين من أبنائه الّذين حملوا السّيف والقلم، البندقيّة والكتاب، الدّم والحبر، ليسطّروا أروع وأجمل وأسمى وأجلّ ملحمة انتصارٍ ونهضةٍ في تاريخنا”.
وأضاف معلم: “أنْ تُطلق كتابًا، يعني أنّك تفتح مساحةً للشّمس نحو فضاءات عقولنا وقلوبنا ونفوسنا وعيوننا في خضمّ هذا الظّلام الدّامس المُحْدِق بنا. ورغم عدم قراءتي كتاب د. دلال عبّاس الّذي نحتفل اليوم بإطلاقه، إلّا أنّني، ومن خلال معرفتي بها وتتلمذي بين يديها أجزم أنّها بكلّ ما تكتب هي شريكة حتميّة وأصيلة في صناعة صفحات مضيئة ناصعة تؤرشف وتؤرّخ للنّضال والكفاح وللمقاومة، وترسّخ ثقافتها في نفوس وعقول كلّ الأجيال”.
نور الدين
ثم كانت كلمة رئيس هيئة العطاء المميز الدكتور كاظم نور الدين، الذي قال: “أيُّ نسمةٍ معطرةٍ تهُبُّ على الأدبِ ساعةَ يُلفظُ اسمُها، وأيُّ حقٍّ لها يومَ يُصنَّفُ أهلُ الحقِّ على الزمان.. ولكم نتشوّقُ أيها الكرام في هذا الزمنِ السريعِ التقلُّبِ إلى الأُصلاءِ في التفكيرِ والذوقِ والتصرُّفْ، فنلمح من خلالِ وجوهِهِمْ ثباتَ المبادئُ، واعتدالِ العقلِ ورجحانِ الرأي، والتفوّقِ الفطري الذي نما على تذليل الصعابْ… لقد أقبلوا على ساحِ الأدبِ والفلسفةِ بجِدٍ وانكبابٍ على التحصيلِ، فإذا بهم يثبون في الحياة وثبَ الكبارْ… وها نحن اليوم نلتقي حولكِ دكتورة دلال لنقول لكِ إن للجَهدِ ثوابهُ، وإن في الأدبِ رضىً …الدكتورة دلال عبّاس ومنذ ريعانِ الشباب، حُلْمٌ من حُسنٍ وذكاء، مواهبٌ ائتُلفيْ على تعدُّدِها لتؤلفَ شخصيةً عصماء…تكتبُ بلغاتها المتعددة وتؤلفُ بحواسِها المُجَهَدَةْ، وتخطبُ بسحرها ليُجْمِعَ لها البال… هذه الساحرة ُالمتميّزةُ أديبةٌ خلاّقةٌ كثيرَةُ الجِدّ، وضعتْ ركائزَ السِّيرِ العلمية الرصينة، فعالجت قضايا المجتمع والمرأة وأدركت أن القضايا الاجتماعية لا تعالج عن طريق العاطفة وحسب، لذلك ما تنازلت يوماً عن أسلوبها الوجداني الذي يشِعُّ ذاتيةً وتفرداً وتلميحاً معمقاً… فمؤلفاتُها خيرُ مثالٍ على الذاتية والعمقِ والجمال… أما ثقافتُها فحدّث ولا حرج، لقد غذّتها بمطالعاتٍ طويلةٍ لكبارِ الأدباء والفلاسفةِ من غربيين وشرقيين، وأكملتها بالأسفار، فجابتْ المدنَ وأمّتْ المتاحف والأماكن الدينية، وتعمّقَتْ قي دراستها والاستمتاع بمعالِمِها، ليبلُغَ بها الذوقُ مبلغاً من الرقيّ نادرًا، وإذا بثقافتها شاملةٌ ذكية… أما مزاجها، فمزاج الملهمينَ الأُصلاء. فهي الرضيَّة على الألمِ ومُرِّ الفراق، محترفةُ معاناةٍ وتجربةٍ وجلدٍ تعلمت ذلك منها في تجربتي الشخصية…”
صادق
تلتها كلمة رئيسة جمعية تقدم المرأة الأستاذة زهرة صادق، وممّا جاء فيها: “نقف اليوم، أمام شخصية حيّة حقيقيّة جعلت من كلّ ما قيل سابقًا حقيقةً دامغةً من خلال ما قدّمته للعلم والفكر والأدب والثقافة، من نتاجات كبيرة، أكاديميّة واجتماعيّة وفكريّة. الدكتورة دلال عبّاس، هي امرأةٌ بحجم وطن، ولأنّ التأريخ العربيَّ ظلم المرأةَ العربيّة، وضيّع جهدها، فلا بدّ اليوم من أنْ نسلّط الضوءَ على دور المرأة في كلّ الميادين، وأنْ نشيرَ إلى جهودها، وصمودها وتحدياتها الكبيرة للظروف الصّعبة في كل النواحي، ومواجهتها المجتمعات التي تحاصر حركتها، وتحدّ من أثرها. دلال عبّاس امرأة الزمن الصعب، كنتِ وستبقين أنموذجًا حيًّا للمرأة الحرّة الأبيّة، المناضلة، المتحدّرة من أصالة متجذّرة في عروق الأرض، كنتِ وستبقين معنا، الشعلة المضيئة في رحاب الحياة.. كتبت ونشرت وحاضرت عن إيران، ومقومات الثورة الإسلامية، ومن أوائل الباحثين الذين عرّفوا اللبنانيين بالشعر الفارسيّ الحديث. شاركتْ في العديد من المؤتمرات الدوليّة، عن التربية والتعليم، وعن المرأة العربية، وعن مُطهري وشريعتي وعن المتصوفة والعُرفاء والإمام الخميني شاعرًا، والتقريب بين الأديان والمذاهب. إنّ الدكتورة دلال عبّاس هي أنموذجٌ، ومثالٌ رفيع للقيم الثقافيّة والأدبيّة والإنسانيّة قلّ نظيره في هذا الزمن، ونحن نترقب اليوم، بكل حبٍّ سيرتَها الذاتيّة، التي عكفت على كتابتِها منذ مدّة، كي تكونَ مشعلًا يُضيء سبيل كل طالب علم جدّيِّ معنيٍ بتغيّر المجتمع وتطويره والارتقاء به. وقد اجتمعنا اليوم على مائدة كتابها “أيّام مئات في إيران قبل الثورة “؛ وبعد الإشارة إلى إنّها كانت عضوًا مؤسسًا في «جمعية تقدم المرأة»، نقول بكل ثقة “إنّ شخصية الدكتورة دلال عبّاس الإنسانة، المسلمة، الحرّة، المثقفة، الواعية، والشخصيّة الفذّة هي المثال والسبيل لمجتمعٍ مثقّف ومقتدر وواعٍ يؤمن بالإشكاليات والأسئلة، ويحثّ على البحث، ويرفض الإجابات المعلّبة، والقوالب المبتذلة والمكرّرة”.
بزّي
وكانت الكلمة الأخيرة لـ مدير عام دار الأمير الدكتور محمد حسين بزي الذي قال: “ذاتَ حكايةٍ في فتنة الوقت، على الموج الصاعد نحو الينبوع، وفي غفلة من هدأة الياقوت واستراحة الماس على التاج في العصر الصفوي، وعند غرّة المدلول على الدال، والممكن على الواجب في صخب الكلام عن إصفهان والبهائي أضعتُ وجهتَها في الحديث، وشتتُ انتباهها واختطفتُه منها، بعد أن كانت أطلعتني عليه، وأسرّت لي أنّها لا تريد نشره، رغم اهتمامها وانهمامها وانهماكها الدقيق في تبويبه وتدقيقه، لكنّها لا تريد نشره إلّا بعد مغادرة الجسد الطيني، لكنّني وبكلّ جرأة اختطفتُه منها، وها أنا أنشره على الملأ.. تاريخ كتبَ قبل ست وأربعين سنة على دفتر لم يتغاب عنه الزمن ولم تنل منه النازلات رغم الحروب والخطوب.. “أيامٌ مئاتٌ قبل في إيران قبل الثورة” مذكراتٌ ويوميات أملاها الأمل، وتكفّلها الألم، وبين هذه وتلك طالما غمر الدمع محبرتها التي شفّت عن أقلام متعدّدة الألوان والأحوال، وقل الأهوال.. تلك هي، تلك هي دلال.. المرأة العاملية المهاجرة يومها، والأكاديمية صاحبة الفكر الوقّاد الذي يهدأ ليستعر ولا يغفو حتى الآن.. لدرجة أنني أظنّها تكتب حتى في منامها، وقد صادفني هكذا أمر في حكايا العقل الفعّال التي تُحكى ولا تُسمع، وتُنظر ولا تُرى حتى تُنشر في الجزء الثاني من مذكرات دلال عبّاس وهو كتاب نسيمة.. كتاب نسيمة الذي سنختطفه أيضًا كما فعلنا مع أخيه إلّا أن تسعفنا به فتكفينا شرّ الاختطاف والخطف وهي التي عودتنا على الشتاء والربيع حتى في الخريف والصيف”.
عبّاس
وكانت كلمة شكر للمحتفى بها الدكتورة دلال عبّاس، جاء فيها: “أقف هنا في هذا الصرح التربويّ لأشكر من صميم قلبي كلّ الّذين اقترحوا ورعَوا وأقاموا هذا الاحتفال فردًا فردًا.”
وأضافت: “أواخر العام 1976، قضتِ المشيئةُ الإلهيّةُ أنْ أرافقَ زوجي المرحوم عبد الأمير صبّاح إلى إيران قُبَيل انتصار الثورة الإسلاميّة المباركة بسنتين، لعملٍ هناك نَدَبته إليه الشركة الألمانيّة التي كان يعمل فيها مهندسًا، وأنا بنيّة التسجيل للدكتوراه. لأسمعَ هنالك [صدفةً] اسمَ بهاء الدين العامليّ وأجعلَه موضوعًا لأطروحتي الدكتوريّة، ولأتابعَ [من دون سابق تصوّرٍ وتصميم] ما كان يجري في إيران في تلك المرحلة المَفْصِلِيَّة في تاريخ إيران والعالم الإسلاميّ.
السنتان اللّتان عشتُ معظمَ أيّامهما في طهران، أتاحتا لي معرفةً واسعةً بالأوضاع الثّقافيّة والسياسيّة والتّاريخيّة من خلال التلفزيون التعليميّ، وقراءةِ الصحف، ومحادثة معارفنا وغيرهم من الإيرانيّين والأجانب والعرب والجيران وعامّة النّاس. هاتان السنتان كانتا بالنّسبة إليّ كسنتي أبي حنيفة النعمان، غيّرتا مجرى تفكيري ودراساتي واهتماماتي. أشكر الله عزّ وجلّ على نعمائه كلّها. وأشكركم جميعًا على التّعب والنَّصَب والتّحضير والحضور والمشاركة وقراءةَ الكتاب. هذا المديح الّذي كيل لي، يجعلني بحاجةٍ إلى سنين من الاستغفار لتهذيب الأنا (ego ) وتحجيمها، خوفًا من الوقوع في المحظور من الغرور”.
وختم الحفل بتقدّيم الدكتور محمد حسين بزي الدرع الذهبي لـ دار الأمير لكلٍ من وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى وللدكتورة دلال عبّاس ولمدير ثانوية حسن كامل الصبّاح الأستاذ عبّاس شميساني.
اترك ردك