اكتشاف زهرة “نسمة صنين” تحوي مركبات كيميائية فريدة أبرزها الشيكونين الكابح لنمو الخلايا السرطانية

أعلن الباحث اللبناني الإسباني رامي معلوف ومؤسّس موقع florafauna.life ، في بيان، أنه “بالتعاون مع الدكتور رضا بنزت من جامعة مرسين التركية، تم اكتشاف نوع نباتي جديد من فصيلة Onosma، لا ينمو إلا في نقطة واحدة محدودة على سفوح جبل صنين، تزامنا مع اليوم الدولي للتنوع البيولوجي. وقد أطلق على هذا النوع الاسم العلمي Onosma sanninensis، بينما اختار له مكتشفه اسما عربيا شاعريا هو “نسمة صنين”.

ولفت الى ان “الزهرة الجديدة التي تم توثيقها ونشر تفاصيلها في مجلة Phytotaxa العلمية المتخصصة، لا تعيش سوى في منطقة لا تتعدى 0.16 كيلومترا مربعا قرب بلدة بسكنتا، وعلى ارتفاع يتراوح بين 1750 و2100 متر. ويقدر عدد أفرادها بأقل من 250 نبتة. مما يجعلها، بحسب الدراسة، مهددة بالانقراض بشكل حرج (CR)”.

وأوضح أن “هذا النوع دقيق التوطن، أي أنه لا يوجد في أي مكان آخر على وجه الأرض. نحن لا نتحدث عن زهرة نادرة فحسب، بل عن كائن حي لا يملك وطنا سوى هذا المنحدر الصخري”.

ولفت الى أن “جبل صنين، يعد الأغنى من حيث عدد النباتات المتوطنة والمهددة في لبنان، بل في المشرق كله. يكفي أن نذكر أن ثلاثة أنواع نباتية تحمل اسمه: Allium sannineum، Trifolium sannineum، وTripleurospermum sannineum، والأخيرة يعتقد أنها انقرضت، إذ لم تسجل لها أي مشاهدات أو عينات منذ ثلاثينات القرن الماضي. ومعها اليوم “نسمة صنين” التي تنضم إلى هذه القائمة الحرجة”. كما يحتضن صنين نباتات فريدة أخرى مثل Alchemilla diademata، وهي نبتة لبنانية لا تنمو في أي مكان آخر في العالم سوى جبل صنين نفسه، مما يجعلها أيضا من الأنواع الدقيقة التوطن (micro-endemic). وجودها محصور في منطقة ضيقة جدا، مما يزيد من هشاشتها ويجعل أي تغيير بيئي في هذا الجبل تهديدا مباشرا لبقائها”.

وحذر معلوف من أن “هذا الاكتشاف يأتي في لحظة حرجة، بعدما دمر جزء كبير من الساحل اللبناني بسبب الردم العشوائي والمرافئ الخاصة والمشاريع العقارية، شهدنا خلال العقود الخمسة الماضية تمددا عمرانيا هائلا في الوديان والتلال: الكسارات والأبنية والطرق… كل ذلك قضى على مساحات واسعة من الغطاء النباتي والغابات”.

أضاف: “ما نراه الآن هو تحول تدريجي وخطير للأنشطة البشرية نحو الجبال المرتفعة. منذ نحو 20 عاما، بدأت تظهر المشاريع السياحية، الزراعة غير المنظمة، التحريج العشوائي، وحتى المقالع على ارتفاعات فوق 1800 متر، وهي مناطق كانت حتى وقت قريب تعد المحمية الطبيعية الأخيرة في لبنان”.

وتنتمي هذه الزهرة المكتشفة حديثا إلى فصيلة نباتية ذات خصائص علاجية معروفة. وتشير العديد من الدراسات إلى احتوائها على مركبات كيميائية فريدة، أبرزها الشيكونين، الذي يمتلك القدرة على كبح نمو الخلايا السرطانية. ويعتقد أن هذه المركبات قد تحدث موتا للخلايا السرطانية أو تبطئ من انتشارها. وقد أظهرت الأبحاث، على سبيل المثال، فاعليتها ضد أنواع معينة من السرطان كسرطان الثدي والقولون والرئة، وذلك في الدراسات التي أجريت في المختبر وعلى النماذج الحيوانية.

واشار معلوف الى انه “لا تكمن القيمة في الاكتشاف بحد ذاته، بل في ما يمثله. “نسمة صنين” ليست فقط زهرة جديدة، إنها علامة حياة أخيرة من جبل يحتضر ببطء. إذا لم نتحرك الآن، قد نخسر هذه الزهرة إلى الأبد، ومعها نخسر شيئا من ذاكرتنا البيئية والهوية الطبيعية للبنان”.


Exit mobile version