وعن صمود الأطفال تحت الركام لساعاتٍ طويلةٍ ولأيام عديدة بعد وقوع الزّلزال في تركيا وسوريا، والبقاء على قيد الحياة، يشرح طبيب الأطفال الدّكتور روني صيّاد في حديثٍ لموقع “نداء الوطن” الإلكترونيّ أنّه “من الصّعب تفسير سبب صمود الأطفال في حالاتٍ مُماثلة، فالإنسان الّذي يبقى لثلاثة أيّام من دون مياه تكون حياته معرّضةً للخطر ولا يستطيع الصّمود؛ ولكن في الواقع، هناك أطفالٌ استطاعوا أن يبقوا على قيد الحياة لأنّهم شربوا من بولهم الخاصّ. أمّا الرّضّع فلا يستطيعون البقاء من دون طعام بسبب انخفاض معدّل السكر في جسمهم وافتقادهم للمخزون اللازم. لذا، لاحظنا أنّ هذه الفئة لم تستطع الصّمود، فيما وجدنا أنّ الأطفال الذين تم انتشالهم من تحت الأنقاض، ينتمون إلى الفئة العمريّة الأكبر سنّاً”.
أضاف صياد: “إنّ وضعيّة الولد الموجود تحت الأنقاض لها تأثيرٌ على بقائه على قيد الحياة؛ فإذا كان مرتاحاً، وغير مخنوق وغير مضغوط على صدره، تكون عندها نسبة بقائه حيّاً أعلى من سواه. وفي هذا الإطار يجب لدى انتشال طفل من تحت الركام إدخاله فوراً إلى المستشفى لإجراء الكشف الطبيّ والفحوصات اللازمة الخاصّة بالأملاح، مع ضرورة وضع كيس مصل والانتباه إلى نسبة المياه في جسم الطفل والتّأكد من أنّ وظائف الكلى لا تزال طبيعيّة، وكذلك إخضاعه للإنعاش اللازم لأنّ حرارة جسم الولد ستكون متدنّيةً، وبالتّالي ستكون حالته صعبةً وبحاجة إلى مستشفى وعناية طبية”.
وتابع قائلاً: “أمّا بالنّسبة إلى الرّضّع الذين صمدوا لساعاتٍ إثر الزّلزال، فيمكن أن يكونوا قد حصلوا على الغذاء اللازم من والدتهم، وهناك تخوّفٌ من أن يتركَ ذلك ضرراً في دماغهم مدى الحياة في حال نقص السّكر أو الأملاح في جسمهم لمدة طويلة، ما قد يؤدي إلى ظهور ورمٍ في الرّأس”، مؤكداً أنّ عمليّة الإنقاذ “الصحيّة” يجب ألّا تتعدّى الأربعة أيّام كحدٍّ أقصى، لأنّ بعد ذلك سيكون احتمال بقاء الطفل على قيد الحياة ضعيفاً جداً وإن بقيَ حياً قد يواجه تحديات ومشاكل وأضراراً صحية في المستقبل”.
وفي حين بقيت عالقة في الأذهان صورُ الأطفال “الأبطال” النّاجين والّذين تعلّقوا بالحياة وتشبّثوا بكلّ خيط أملٍ، لا يسعنا إلّا أن نُركّزَ على صحّة هؤلاء النّفسيّة وسبل تخطّي هذه الأزمة الّتي قد تكون لها تداعياتٌ في المستقبل القريب أو البعيد.
ذكرى مؤلمة
في هذا الإطار، أكّدت الدّكتورة في علم النّفس والمُتخصّصة في علاج الإدمان إيمان رزق في حديثٍ لموقع “نداء الوطن” الإلكتروني أنّ “الزلزال يُؤثّر على الكبار والصغار، وخصوصاً على الأطفال، لأنّهم لا يدركون ماذا يحصل حولهم، وهو يُسبّب لهم نوعاً من الصّدمة، لذا، يجب تأمين علاجٍ في مراكز للمعالجين النّفسيّين ولدى أطبّاء العلاج النّفسي للأولاد الذين يتمّ انتشالهم من تحت الأنقاض وتحديداً لمَن فقدوا أهاليهم، لأنّ للزّلزال تأثيراً كبيراً ليس فقط على صحة الأولاد الجسديّة، إنما أيضاً النفسيّة. لذا، يجب متابعة الأولاد نفسيّاً بعد إنقاذهم ومعالجتهم في المستشفيات وتبليغ أهاليهم بضرورة الذّهاب إلى مراكز خاصّة أو عند معالج نفسيّ أو طبيب نفسيّ، أو بكلّ بساطة قصد مراكز تجمَعُ طبيباً للأطفال مع معالجٍ نفسيّ وطبيب نفسيّ إضافةً إلى مدرّب نفسيّ وتعليميّ (Psycho-Education) لإعادة التأقلم بعد الكارثة، بهدف شرح ماهيّة الزلزال لأنّ الأولاد لا يعرفون ما هي طبيعته”.
أضافت: “نتحدّث هنا عمّا يُسمّى بـ Psycho-Traumatic Disorder، والذي يأتي بعد الصدمة وبعد انتشال الأطفال من تحت الأنقاض، وهذه الاضطرابات تصيب بشكلٍ أساسيّ الأطفال، إذ يُمكن أن يتخطّى الكبار هذا الموضوع، أما الأطفال فلا يُدركون ما الذي حصل ولا يعرفون ما معنى الزّلزال”، مشيرةً إلى أنّه يجب “أن نشرح لهم ما معنى هذه الكارثة الطبيعية وأن نتابعهم ونواكبهم ونحتضنهم لتخطّي هذه المرحلة الصعبة ولتجاوز اضطرابات ما بعد الصّدمة”.
للقراءة الكاملة اضغط هنا
اترك ردك