كتب محمد دهشة في صحيفة نداء الوطن:
وسط محلّه الصغير – أزهار «أركاديا»، في شارع رياض الصلح الرئيسي قرب ساحة الشهداء في صيدا، يبتسم البائع يوسف ورد، وهو يرتّب مجموعة من الأزهار الملوّنة المختلفة الأحجام، ليجمعها في باقة جميلة كهدية من عائلة صيداوية لابنها المتخرّج حديثاً، ويقول لـ»نداء الوطن» إنّ «الإقبال كثيفٌ على شراء الورود والهدايا في هذه الأيام بسبب حفلات تخرّج المدارس وإلغاء شهادة البريفيه، الناس يعبّرون عن فرحهم بشراء الورود والهدايا، إنه موسم الرزق الوفير».
وفق يوسف، الرزق الوفير في توقيته يعني إقامة حفلات تخرّج المدارس الخاصة أو حفلات التخرّج الجامعية في نهاية العام الدراسي، والتي تُشكّل مناسبة فرح لذوي الطلاب وأصحاب محال بيع الورود والهدايا، في ظل الركود الاقتصادي وتفاقم الأزمة المعيشية والاقتصادية، وانعدام القدرة الشرائية عند المواطنين الذين باتوا يفضّلون ترتيب أولوياتهم وفق الضرورات لجهة تأمين الطعام والشراب والملابس.
ويؤكد يوسف أنّ ثمن الزهرة الواحدة يبلغ مئة ألف ليرة لبنانية، بينما باقة الزهر كاملة نحو مليون ليرة لبنانية، أي ما يعادل عشرة دولارات أميركية، قبل أن يردف «اللافت أنّ البعض يطلب باقة ورد وفق إمكانياته المالية، يأتي زبون ويطلب منّي إعداد باقة بنحو خمسمئة ألف ليرة لبنانية، وقلة قليلة تطلب زهرة واحدة بمئة ألف ليرة، ونادراً ما يستنكف ذوو الطلاب عن الشراء مهما كانت ظروفهم المعيشية صعبة».
ولم يخفِ يوسف أنّ موسم بيع الزهور أصبح مزدهراً طوال أيام السنة بخلاف السابق، لم يعد يقتصر على حفلات التخرّج ومناسبات الخطوبة والزواج والمناسبات العائلية وزيارة المرضى، بل بات يتعدّاه إلى موكب التشييع، والأغرب الطلاق، إنّها موضة جديدة أن تحتفل السيدة بطلاقها كأنّها بداية لحياة جديدة»، مشيراً إلى أنّ حفلات التخرّج تبقى الأكثر إقبالاً نظراً للأعداد الكبيرة للطلاب المتخرّجين».
وقد جاء قرار إلغاء الشهادة المتوسطة الرسمية «البريفيه» ليُسرّع في إقامة حفلات التخرّج المدرسية، حيث باشرت إدارات غالبية المدارس احتفالاتها، وسط إقبال لافت على شراء ثياب التخرّج وباقات الورد والهدايا، وتنظيم جولات سيّارة تطلق خلالها العنان لأبواقها فرحاً، فيما ينتظر طلاب الشهادة الثانوية الرسمية – البكالوريا الثانية، إجراء الامتحانات ونتائجها ليبنوا على الشيء مقتضاه.
ويقول الطالب علي الهبش إنّ «شراء الزهور والهدايا مجرّد عُرف أصبح تقليداً متعارفاً عليه خلال السنوات الماضية، للتعبير عن الفرح والسعادة، وتحرص عليه العائلات مهما كانت أوضاعها المادية، قد يستدين بعضها قناعة منها أن التخرّج من المرحلة المتوسطة إلى الثانوية أو منها إلى الجامعة تكون مرّة واحدة في العمر ويجب أن تترك ذكرى حلوة».
وينقسم ذوو الطلاب في كيفية مقاربة حفلات التخرّج لجهة كلفتها المادية، بعضهم يعتبرها عبئاً إضافياً في ظل الغلاء وارتفاع الأسعار، وبعضهم الآخر مناسبة للبذخ والتعبير عن الفرح لجهة شراء كل مستلزماتها من الألف إلى الياء، من الثياب الخاصة حتى مواكب التخرّج السيارة، وتقول سوسن حبلي والدة الطالب محمد حبلي: «رغم الوضع المالي السيّئ حرصت على شراء باقة ورد لولدي حتى أدخل الفرح إلى قلبه وأُشجّعه على إكمال تعليمه الجامعي لأنه مفتاح النجاح والحياة».
اترك ردك