شهد قطاع المنتجات الفاخرة ارتفاعاً ملحوظاً، نتيجة للقوة الشرائية المتنامية لـ “الجيل زد”. ومع ذلك، لا يقتصر اهتمام هذه الفئة الشبابية على العلامات التجارية المرموقة فحسب، بل يطالبون أيضاً بالتزام أعمق تجاه الاستدامة والمصادر الأخلاقية والاقتصاد الدائري، بهدف الحفاظ على اهتمامهم بهذه العلامات.
كما شهدت العلامات التجارية الفاخرة مثل “غوتشي” و”رولكس” و”كلوي” و”ألكسندر ماكوين” ارتفاعاً في شعبيتها بفضل الطلب المتزايد على المنتجات المفضلة مسبقاً. نتيجةً لذلك بدأت هذه العلامات في إطلاق برامج إعادة البيع الخاصة بها لتلبية هذه الطلبات، ومع ذلك، ظلت المصادقة تحدياً كبيراً للمشترين على منصات متعددة العلامات التجارية. هنا يُطرح السؤال: كيف يمكن المشترين التأكد من عدم شراء سلع مزيفة؟ في السنوات الأخيرة، شهدت المعرفات الرقمية زيادة كبيرة في الشعبية. حيث توفر هذه المعرفات معلومات حول سلسلة توريد المنتج، وعملية التصنيع، وأصالته، مما يساعد في معالجة مخاوف المشترين المتعلقة بالمصادقة.
أبرز الوسائل والحلول للكشف عن أصالة المنتجات وتحديد جودتها
تأكيد أصالة المنتجات الفاخرة من خلال استخدام التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي والرموز غير القابلة للاستبدال، بالإضافة إلى تقنية سلسلة الكتل.
شهد عام 2021 اهتماماً متزايداً بالرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs)، ولكن تضاءلت الحماسة بسرعة مع تشبّع السوق. حيث أدرك الكثيرون أن NFTs لن تحتفظ بقيمتها أو توفر العوائد الكبيرة المتوقعة. ومع ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة، بدت NFTs مخيّبة للآمال، ومع ذلك، عادت NFTs إلى الصدارة بسبب التكنولوجيا الأساسية التي تستخدمها، حيث يتم الآن استخدامها لأغراض متعددة مثل الهويات الرقمية وحقوق الملكية في العوالم الافتراضية ومصادقة المحتوى الرقمي، وكذلك تحقيق الدخل للمبدعين في مجالات مثل الموسيقى والأدب والفنون.
كما تأسّس في عام 2021 اتحاد “أورا بلوك تشين” بمشاركة كيانات مرموقة مثل “أل في أم أش”، و”مرسيدس-بنز”، ومجموعة “أو تي بي”، و”برادا”، و”كارتييه”، بهدف إنشاء المعيار التكنولوجي لصناعة الرفاهية وتعزيز تجربة العملاء. تم تصميم تقنية سلسلة الكتل في الأصل كدفتر أستاذ للمعاملات العامة لعملة بيتكوين المشفّرة، ومنذ ذلك الحين تطوّرت لتصبح أداة مهمة لإنشاء تعريفات رقمية تُطبّق على المنتجات الفاخرة، وتتيح للعلامات التجارية إضافة ختم رقمي مقاوِم للتزوير على منتجاتها ومكوّناتها.
أما في صناعة الماس، فيُعتبر إثبات المصادر الأخلاقية أمراً أساسياً للبائعين للحفاظ على سمعتهم. باستخدام تقنية سلسلة الكتل، يمكن التجار تسجيل الرحلة الكاملة للألماس من عملية التعدين وحتى الوصول إلى السوق، مما يوفر الشفافية لسلسلة التوريد ويضمن مصداقية المنتجات.
تخيّلي أن في إمكانك تحديد أصالة حقيبة اليد ببساطة من طريق التقاط سلسلة من الصور الفوتوغرافية. حيث يتميز حل “إنتروبي”، وهو حل مبتكر للذكاء الاصطناعي، بمعدل دقة يصل إلى 99.1% في التحقق من المنتجات. إذ يتم توجيه المستخدمين لالتقاط صور عدة من خلال تطبيق الجوال المرتبط بجهاز “إنتروبي”، ومن ثم تقوم التقنية بتقييمها باستخدام الذكاء الاصطناعي مقابل ملايين السجلات في قاعدة البيانات، مما يوفر مصادقة موثوقة للمنتَج.
الذهاب إلى ما هو أبعد من المصادقة
بدأت دور أزياء عدة فاخرة بالفعل في الاستثمار في تقنيات تتبع المنتجات، ومن المتوقع أن يزداد انتشار هذا الاتجاه بشكل أكبر في المستقبل القريب. بجانب توفير المصداقية والضمان للمستهلكين، تتيح الهويات الرقمية للعلامات التجارية فرصة لتعزيز الشفافية ومشاركة القصص الفريدة المتعلقة بكل منتَج.
لنأخذ على سبيل المثال العلامة التجارية البريطانية الفاخرة “مالبيري”، حيث تستخدم بطاقات الهوية الرقمية لتحسين تجربة عملائها. حيث يتم توفير معرف فريد من نوعه مدعوم من شركة “إي أو أن” الرائدة في مجال رقمنه المنتجات ومرتبط بكل حقيبة يد من العلامة التجارية. يتيح هذا المعرف للعملاء من خلال النقر على هواتفهم الذكية على العلامة التي تدعم تقنية الرموز غير القابلة للاستبدال والمثبتة على كل حقيبة الوصول إلى تجربة رقمية شخصية، حيث يمكنهم الحصول على معلومات مفصلة عن المنتَج والمحتوى الحصري وخدمات مثل المصادقة والإصلاح وإعادة البيع. لذا تعتقد مالبيري أن هذه الخطوة ستعزز التواصل المباشر والمستمر بين العلامة التجارية وعملائها على مراحل حياة المنتَج.
بينما تمضي العلامات التجارية الفاخرة قُدمًا في استخدام بطاقات الهوية الرقمية، يتبع الشارع الرئيس الاتجاه نفسه. حيث يُعد هذا التطور التكنولوجي أكثر من مجرد وسيلة لتحديد الهوية؛ بل يمثل قفزة كبيرة إلى الأمام في عالم الموضة المستدامة.
اترك ردك