تبحث المصمّمة القطرية غادة السبيعي عن طرق جديدة تتيح لها خوض مغامرات غير مسبوقة في مجال تصميم العباءات والأزياء، وهي لذلك تستكشف أماكن جديدة تمدّها بمصادر للإلهام. وحرصت السبيعي على أن تحمل منتجات دارها لمسة عصريّة وصديقة للبيئة في الوقت نفسه، وهي تستخدم الأقمشة الطبيعية من المصادر المستدامة معتمدةً على المهارات البشرية اليدوية ومبتعدةً عن الآلات الصناعية. كذلك تُعيد تدوير بقايا الأقمشة فتحوّلها الى قطع أثاث وتختار مواد تغليف لمنتجاتها قابلة للتحلّل العضوي.
– غادة السبيعي، مصمّمة تترك بصمة في عالم الأزياء. كيف انطلقتِ في عالم الأعمال والأزياء؟ وكيف كان تأسيس 1309 Studios؟
بدأتُ باستكشاف ذوقي الخاص في الأزياء عندما كنت مراهقة، حيث كنت أشتري الأقمشة وأطلب من الخيّاطين تفصيل تصاميم لم تكن متوافرةً في قطر في ذلك الوقت. وازدادَ عشقي للأزياء خلال سنواتي الجامعية، وكنت أرتدي ملابس أصمّمها وأصنعها بنفسي. وسرعان ما أصبح اسمي معروفاً بين الناس وصرتُ أتلقى الكثير من الطلبات الخاصة وبدأتُ بتصميم قفطانات للعائلة والأصدقاء. وكنت أعمل من المنزل بدون أي دعاية أو إعلان، ولكنني لاحظتُ أن هناك حاجة ماسّة إلى إنشاء مجتمعٍ مصغّر تلجأ إليه السيدات القطريات للحصول على الدعم والتشجيع، فسعيتُ بكل طاقتي لتحويل هذه الفكرة إلى واقع. إذ يوافق الرقم 13/09 تاريخ ميلاد والدتي، ويمثل اسم العلامة إهداءً لوالدتي وتقديراً لها لأنني استمددت ذوقي في عالم الأزياء منها في المقام الأول، حيث كنتُ أراقبها في طفولتي وهي تقصّ الأقمشة وتخيطها، وتعلّمت الكثير عن الأقمشة وفن الخياطة منها.
– الى أيّ امرأة تتوجهين؟
السيدة التي ترتدي أزياء 1309 هي سيدة منطلقة وجريئة وتعشق التميّز. وتأسّس استديو 1309 بهدف توفير مساحة آمنة تجتمع فيها السيدات لدعم وتمكين بعضهن البعض على الصعيدين المهني والشخصي. ويُعد الاستوديو منصةً تشجّع كل سيدة على التعبير عن نفسها بحرّية وتساعدها على التعافي من التحديات اليومية التي تواجهها في عالم التطورات التكنولوجية السريعة الذي نعيشه اليوم. ودائماً ما تشعر الفتيات بثقة وراحة تامّة في التعبير عن أنفسهن عند ارتداء عباءات العلامة. ونرى في 1309 أنّ الملابس يجب ألا تقف عقبةً في طريق المرأة، حيث أحاول اختيار الأقمشة والألوان والقصّات التي تزوّد الفتيات بشعورٍ من الفرح والانطلاق عند ارتدائها. كما نسعى لابتكار تصاميم مميزة تشكّل بحد ذاتها وسائل تعبير فريدة عن الشخصيات المختلفة لعميلاتنا. وتتنوع الأقمشة التي نستخدمها في 1309 لتلائم كل المقاسات وأشكال الأجسام.
– ماذا تخبريننا عن هوية الدار؟
أهدف إلى تغيير الصورة النمطية المتعلقة بالعباءات، وأرغب في أن تكتسب تصاميمها شعبيةً عالمية مثل تصاميم الكيمونو، وأن ترتديها الكثيرات حول العالم بصفتها أحد التصاميم الرئيسة والمميزة في عالم الموضة. كما أودّ تعزيز مكانة علامات الأزياء المتخصّصة بتصميم العباءات في القطاع وإضفاء طابعٍ عصري عليها. فلا بد من أن كل مصمّم قد أضاف خلال مرحلة ما من مسيرته المهنية تصاميم الكيمونو إلى سجله الإبداعي باعتبارها أحد أبرز التصاميم في عالم الموضة.
– حرصك على البيئة يجعلك تستخدمين الأقمشة الصديقة للبيئة، أخبرينا أكثر؟
تتميز علامة 1309 بمكانة رائدة في المنطقة في ما يتعلق بالتزامها الراسخ بمعايير الاستدامة واستخدام أقمشة طبيعية صديقة للبيئة من مصادر مستدامة ومواد تغليف قابلة للتحلّل العضوي. كما نعيد تدوير بقايا الأقمشة من خلال تحويلها إلى قطع أثاث. وتنتج العلامة إبداعاتها في قطر وتعتمد قدر الإمكان على المهارات والأيدي البشرية بدلاً من استخدام الآلات لتجنّب شراء المزيد من المواد الضارّة. وساهم منهجنا المستدام في توطيد العلاقات مع عملائنا الذين يقدّرون أهمية الممارسات البيئية المستدامة التي تتماشى مع قيمهم الخاصة.
– هل يحدّ هذا القرار من خياراتك لمواد كلّ مجموعة ومن الكميات التي تنتجينها؟
لا ألتزم بخيارات جاهزة أو أساليب محدّدة عند ابتكار تشكيلاتٍ جديدة، ومع توافر مجموعة كبيرة ومتنوعة من خيارات المواد في وقتنا الحالي، نحرص على استخدام المواد المستدامة والتي يتم إنتاجها من أصل حيوي، إضافةً إلى الجلود النباتية والبوليستر المُعاد تدويره. وكان إنتاجنا محدوداً جداً مع بداية رحلة العلامة، حيث واجهنا صعوبةً في الحصول على المواد المطلوبة، إلى أن بدأت خيارات المواد المستدامة بالازدياد مع مرور السنين، كما تمكّن مزوّدو الأقمشة من توفير العديد من الأقمشة الصديقة للبيئة. ونحرص في علامة 1309 على الابتعاد عن إنتاج كمياتٍ كبيرةٍ من القطع في إطار التزامنا بأعلى معايير الاستدامة، إذ ننتج أزياء مخصّصة وفق الطلب وعلى مقاس كل عميلة.
– الرفاه في خدمة البيئة، شعار تطبّقه دار 1309 Studios. كيف يمكن تعميمه على دور أزياء أخرى؟
يمكن كل الشركات ودور الأزياء تطبيق ممارساتٍ يومية مستدامة، إما باستخدام ورق أقلّ والحدّ من هدر المواد خلال عملية الإنتاج، أو من خلال إعادة تدوير بقايا الأقمشة ومحاولة استخدام المواد القديمة. وتبدأ الرحلة دوماً بخطواتٍ صغيرة وبسيطة، حيث يوجد العديد من خيارات الإبداع عند إدارة الشركات والعلامات، ويمكن تلك المنهجيات أن تبدأ بالتركيز على استخدام مواد مستدامة تدوم طويلاً عند إنتاج القطع. وأثق بالعلاقة الطردية بين جودة الأزياء واستدامتها التي تسمح لها بالحفاظ على ألقٍ لا يخبو بمرور الزمن.
– قطر والموضة المستدامة، أهو هدف أم حلم بعيد المنال؟
يواصل قطاع الأزياء في قطر أخيراً تطوّره بشكل ملحوظ. ويشهدُ قطاع الأزياء المستدامة نمواً متزايداً في كل أنحاء العالم، ويسعدني أن أعلن أن الكثير من المصمّمين المحليين يراعون البيئة عند ابتكار التشكيلات والتصاميم المختلفة.
– ما هو طموحك؟
أسعى دائماً إلى إحداث تغيير من خلال التعبير عن أفكاري ومصادر إلهامي، إذ تهدف العلامة إلى ترك أثرٍ إيجابي في مجتمعنا من طريق تطبيق نهجٍ مستدام في العمل واستخدام مواد تغليف صديقة للبيئة. كما أرغب بالتوسع دولياً لأمثّل العالم العربي في قطاع الموضة العالمي.
اترك ردك