المجلس الديني الدرزي يقدم أدلة إلى الأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية والهجمات المنهجية ضد الدروز السوريين

ويزعم نداء المجلس الديني الأعلى للدروز أن السكان الدروز في السويداء كانوا هدفاً لهجمات إرهابية ممنهجة نفذتها الجماعات الجهادية.

قدم المجلس الديني الأعلى للدروز، برئاسة الشيخ موفق طريف، نداءً رسمياً إلى لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا، حث فيها الهيئة على إطلاق تحقيق فوري فيما وصفه بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وأعمال إبادة جماعية مرتكبة ضد الطائفة الدرزية في سوريا.

ويقدم التقرير، الذي أعدته غرفة عمليات المجلس في جولس، ووقعه خبراء القانون الدولي المحامي يائيل فياس جفيرزمان والمحامي عاصم حامد، أدلة مفصلة عن المجازر وعمليات الخطف والعنف الجنسي والتهجير الجماعي في محافظة السويداء الجنوبية.

ووفقا للمجلس، يأتي النداء بعد أشهر من التوثيق المكثف والعمل الميداني الذي قام به المتطوعين والمتخصصين القانونيين. وتزعم أنه منذ 13 يوليو 2025، أصبح السكان الدروز في السويداء هدفًا لهجمات إرهابية ممنهجة نفذتها الجماعات الجهادية، بما في ذلك داعش وهيئة تحرير الشام، بالتنسيق مع القوات التابعة للحكومة السورية المؤقتة.

وتستشهد الوثيقة بسلسلة من الهجمات التي اتسمت بالإعدامات والاعتداءات الجنسية والتعذيب والاستهداف المتعمد لشخصيات دينية ومواقع ثقافية درزية.

وتشير البيانات التي جمعتها غرفة عمليات المجلس إلى أنه بحلول أغسطس 2025، قُتل أكثر من 2000 مدني درزي، وأصيب أكثر من 8000، وتم اختطاف أو اختفاء حوالي 600 شخص. تم الهجوم على ما لا يقل عن 45 قرية، وتم تدمير 25 قرية بالكامل، ونزح حوالي 220 ألف ساكن من منازلهم.

جدار مليء بثقوب الرصاص داخل منزل عائلة سرايا، في أعقاب العنف الطائفي في محافظة السويداء السورية، حيث تم إرسال القوات الحكومية لقمع الاشتباكات المحلية بين الفصائل المسلحة الدرزية ومقاتلي القبائل البدو، في مدينة السويداء ذات الأغلبية الدرزية، سوريا، 25 يوليو، (الائتمان: رويترز / خليل العشاوي)

كما يتهم النداء الحكومة السورية المؤقتة بفرض حصار مستمر على السويداء، ومنع دخول الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية إلى المنطقة.

ويخلص المجلس في تحليله القانوني إلى أن هذه الأفعال تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية، مشيرًا إلى أن العنف يبدو موجهًا على وجه التحديد ضد الطائفة الدرزية بسبب هويتها الدينية.

وتسمي الرسالة كبار المسؤولين في الحكومة السورية المؤقتة، بما في ذلك رئيس الدولة المؤقت الشرع (المعروف أيضًا باسم الجولاني)، على أنهم يتحملون المسؤولية المباشرة عن الإشراف على الهجمات أو التغاضي عنها. وتتهم الحكومة بإخفاء دورها من خلال تكتيكات الحرب الهجين، وتمويه القوات على أنها جهادية، وتشويه العمليات على أنها حملات لمكافحة الإرهاب.

ويحث المجلس على الحفاظ على الأدلة وإنشاء ممرات آمنة

وتدعو الوثيقة المقدمة إلى لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق فوري وشامل في مجازر السويداء. ويطلب من الأمم المتحدة الحفاظ على الأدلة، والتحقيق في مسؤولية القيادة بين كبار المسؤولين السوريين، واتخاذ خطوات لحماية المدنيين الذين ما زالوا معرضين للتهديد.

كما يحث المجلس اللجنة على إنشاء ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية وإحالة الوضع إلى آليات المساءلة الدولية إذا فشلت السلطات السورية في التحرك.

ويتضمن التقرير مواد مرئية ورقمية تم التحقق منها توثق عشرات الهجمات، ويقال إنها مدعومة بشهادات شهود عيان وأدلة الطب الشرعي. ووفقا للممثلين القانونيين للمجلس، فإن المواد تظهر نمطا واضحا من الاستهداف الطائفي والعنف المنظم الذي يعكس عمليات الإبادة الجماعية السابقة التي ارتكبها داعش ضد الأقليات الأخرى.

وقالت المحامية يائيل فياس جفيرزمان، التي تدير عيادة القانون الجنائي الدولي والإنساني في جامعة رايخمان، إن الجرائم الموثقة في الاستئناف ترقى إلى مستوى حملة متعمدة من الإبادة والاضطهاد. وشددت على أن الأدلة تظهر النية والتنسيق المنهجيين بين الجهات الحكومية وغير الحكومية.

وقال المحامي عاصم حامد، رئيس الفريق القانوني للمجلس الدرزي، إن المتطوعين العاملين في مركز قيادة المجلس في جولس، قاموا بجمع وتحليل الأدلة على مدى أشهر، ودعموها بشهادات الناجين وأقارب الضحايا في السويداء.

قال فياس جفيرسمان جيروزاليم بوست وأن هذا التحقيق هو الوحيد من الجهات الدولية في أعمال العنف التي يواجهها الدروز السوريون منذ سقوط حكومة الأسد وصعود الشرع.

وأضافت: “إن أبناء الأقلية الدرزية في سوريا وإخوانهم في إسرائيل، الإخوة والأخوات في إسرائيل، يطالبون بالعدالة”.

وبالإشارة إلى التحقيق، أكدت أن التحقيق هو طلب لإجراء تحقيق دولي. يعتبر العنف والقتل ضد الدروز والأقليات الأخرى في سوريا تطهيرًا عرقيًا، وينطوي أيضًا على العنف الجنسي ضد النساء والفتيات.

ويقارن المجلس بين الفظائع في السويداء وحلقات العنف الطائفي الأخرى في المنطقة، مثل الإبادة الجماعية للإيزيديين والهجمات الأخيرة على المدنيين في جنوب سوريا. ويصف العنف المستمر بأنه جزء من سياسة الإرهاب والاضطهاد الديني التي توجهها الدولة والتي تهدف إلى القضاء على الوجود الدرزي في المنطقة.

ويحذر النداء من أن الوضع في السويداء مستمر في التدهور، حيث لا تزال الجماعات المسلحة نشطة في المنطقة والمدنيون محاصرون تحت ظروف الحصار. ويدعو الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى التحرك بسرعة لمنع وقوع المزيد من المجازر وضمان حماية المدنيين الدروز.

وقال الشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي للدروز في إسرائيل، إن الدافع وراء النداء هو الحاجة الملحة إلى لفت انتباه العالم إلى ما وصفه بالدمار الوشيك للطائفة الدرزية في سوريا. ودعا الأمم المتحدة وحكومات العالم إلى الاعتراف بخطورة الجرائم والتدخل قبل فوات الأوان.

وقال المجلس الدرزي إنه مستعد للتعاون مع المحققين الدوليين وتسهيل الوصول إلى الشهود والناجين. وتواصل غرفة عملياتها في جولس جمع الأدلة والتنسيق مع المنظمات الإنسانية ومراقبة العنف المستمر في السويداء.

ووفقاً لأحدث تقارير المجلس، استمرت الهجمات ضد المدنيين الدروز حتى أواخر أكتوبر/تشرين الأول، مع وقوع المزيد من الضحايا والنزوح. وخلصت الرسالة الموجهة إلى الأمم المتحدة إلى أن المجتمع الدولي يجب ألا يبقى صامتا في مواجهة ما وصفه بحملة إبادة ضد واحدة من أقدم الأقليات الدينية في الشرق الأوسط.