ترأس راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس عبد الساتر ممثلا البطريرك الماروني مار بطرس بشارة الراعي يعاونه لفيف من الكهنة، الصلاة الجنائزية لراحة نفس الإعلامية هدى بدوي شديد، في كاتدرائية مار جرجس- وسط بيروت، ظهر اليوم، في حضور وزير الاعلام المحامي بول مرقص ممثلا رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء القاضي نواف سلام، الاب رافي اوهانسيان ممثلا بطريرك الأرمن الكاثوليك روفائيل ميناسيان، نائب رئيس مجلس النواب الياس ابو صعب، والنواب مروان حماده، ميشال موسى، ميشال معوض، ملحم خلف، ميشال الدويهي، الان عون، أغوب ترزيان، نائب رئيس مجلس الوزراء السابق سعاده الشامي، مدير المخابرات في الجيش العميد الركن طوني قهوجي، أمين عام الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر، أمين عام الكتلة الوطنية ميشال حلو، مدير الاعلام في القصر الجمهوري الاستاذ رفيق شلالا، نقيب المحررين جوزف القصيفي، المدير العام للمؤسسة اللبنانية للارسال بيار الضاهر، وأهل الفقيدة ورفاقها وزملائها وحشد من الشخصيات الاعلامية والاجتماعية.
بعد صلاة الجناز تمت تلاوة الرقيم البطريركي جاء فيه:
“بكثير من الأسى والألم نودّع معكم عزيزتكم وعزيزتنا الإعلاميّة هدى، ونرافقها بصلاة الرجاء في عبورها إلى بيت الآب في السماء، الذي تاقت إليه في آلامها، واستحقّته بمشاركة المسيح الفادي بآلام الفداء، وبخدمتها الإعلاميّة بشجاعة ومثابرة، وبعطاءات سنيّها التسع والخمسين، وكأنّها استوفت كلّ رسالتها بحلوها ومرّها.
إنّها ابنة كفريا – زغرتا، في بيت مؤمن بيت بدوي شديد والمرحومة زمرد بو عبدالله وُلدت وتربّت على القيم الروحيّة والأخلاقيّة والعلم الإعلاميّ والتخصّص في العلوم السياسيّة في جامعة القدّيس يوسف. ونشأت إلى جانب شقيقين وستّ شقيقات، نسجت معهم ومع عائلاتهم أجمل علاقات الأخوّة. وأخلصت العاطفة لبيت عميّها وعمّاتها وخالها وخالتيها وأولادهم وعائلاتهم.
بدأت مسيرة ألمها بوفاة زوجها الكاتب والمفكّر والباحث الأستاذ زياد جميل سعادة الذي تعرّفت عليه عندما بدأت مسيرتها الإعلاميّة في إذاعة إهدن. قبل زواجها بفترة قصيرة عرفت بإصابته بمرض السرطان، لكنّها أرادت إكمال الطريق. فكانت وفاته بعد زواجهما بأقلّ من سنة. وهي بعد في الحادية والعشرين من عمرها. فلم تتركه لحظة سواء في المستشفى أم في البيت بخدمتها وبسمتها.
فأكملت مسيرتها الصحافيّة أوّلًا في جريدة اللواء وإذاعة صوت لبنان، ثمّ توزّع عملها بين جريدة النهار، وال L’Orient Le Jour، ووكالة رويترز. وكان مشوارها الكبير في المؤسّسة اللبنانيّة للإرسال بتشجيع من الشيخ بيار الضاهر. وكانت تفضّل التغطيات الميدانيّة، والأحداث الساخنة. وعملت كمراسلة وصحافيّة معتمدة في القصر الجمهوريّ في بعبدا لمدّة ثلاثين سنة.
وها مرض السرطان يدقّ بابها في عزّ عطاءاتها، فواجهته بشجاعة وتنقّلت رحلة العلاج بين لبنان والولايات المتّحدة الأميركية حتى شفيت منه. فنشرت كتابًا عن خلاصة تجربتها مع هذا المرض الخبيث. ولكنّه عاودها بعد سنوات، وعاودت مسيرة العلاج المضنيّ، ولم تستسلم.
وفي الثامن من شهر آذار، أي منذ أسبوعين، كرّمها فخامة رئيس الجمهوريّة في القصر الجمهوريّ، بوسام تقدير ووداع: تقديرٍ لقوّتها وشجاعتها، لإيمانها وأخلاقها، لضحكتها وسنوات خدمتها، لصمودها بوجه الألم مرّتين، ولمثاليّة خدمتها الإعلاميّة بقول الحقيقة، حتى قيل عنها: “مطرح ما في حقيقة في هدى”. ووداعٍ لها هي الحاضرة أبدًا نجمةً إعلاميّة، ومحطَّ محبّة في القلوب.
هكذا انطفأت شمعة عمرها التسعة والخمسين بهدوء وسكينة، مشاركة المسيح مرّتين في آلامه، وآملة أن يشركها في مجد قيامته.
على هذا الأمل، وإعرابًا لكم عن عواطفنا الأبوية وإكرامًا لدفنتها، نوفد إليكم سيادة أخينا المطران بولس عبد الساتر رئيس أساقفة بيروت السامي الإحترام، ليرأس باسمنا حفلة الصلاة لراحة نفسها، وينقل إليكم تعازينا الحارة.
رحمها الله بوافر رحمته، وسكب على قلوبكم بلسم العزاء” .
شديد
ثم ألقى طوني شديد شقيق الراحلة كلمة العائلة قال فيها: “سأخبركم قليلا عن هدى ولماذا حظيت بهذا الاهتمام من مختلف وسائل الاعلام بشكل طغى على اخبار الحرب، في بيتها الصغير اجتمع لبنان بكل طوائفه ومذاهبه وبكى على رجليها رفاقها جميعاً من كل الطوائف والمذاهب ومن كل الانتماءات السياسية، واكتمل المشهد عندي عند الثانية عشرة والنصف عندما اتصلت اختنا منار صباغ وبكت على رجلي هدى قائلة لها سامحيني لأنني لم استطع أن أكون بجانبك بسبب الحرب”.
أضاف: “ما لمسته خلال هذين اليومين أن سلام هدى قد طغى على أخبار الحرب، حتى نعرف كم أن لبنان بحاجة الى السلام والحب. رأيت الحب الذي وزعته هدى على كل لبنان وأراه اليوم فيكم ومعكم”.
وتوجه بالشكر الى “كل الذين وقفوا الى جانب هدى، فسلام هدى وحب هدى سيبقى في هذا البلد بمسعى منكم يا شيخ بيار، وتستمر بهذه الثقافة من المحطة التي تشع سلاما وحبا. شخصية هدى ذابت في هذه المحطة التي رأت فيها أنها تشبهها وصارت محطة كل لبنان بكل تعدديته وتناقضاته. وعدت هدى أن يبقى بيتها الصغير مفتوحا يجتمع فيه كل أحبتها. والشكر لفخامة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون على تكريمه لهدى، والذي نتمنى له كل التوفيق”.
وتوجه الى الضاهر بأن “يبقى الاخ الكبير كعادته، فكلمة شكر قليلة على ما قدمتموه، والانسانية تسمو على كل المصالح، وكنت تعرف دائما أن تسمو على المصالح الخاصة، فباسم عائلتي نشكركم على كل ما عملتوه وقدمتموه. وأنا اكيد أن ثقافة هدى هي التي ستنتصر وشعارها سينتصر على اخبار الحرب، فلبنان لا يريد الحرب يريد السلام والحب دائما”.
الضاهر
ثم ألقى بيار الضاهر كلمة قال فيها: “منذ ثلاثة اسابيع وفي قصر بعبدا كانت هدى تودعنا، واليوم نحن نودعك يا هدى. هدى، صعبة كثيرا هذه الوقفة. هدى لم تعد بيننا، ولكن هدى العبرة والقدوة والمثال ستبقى، وسنصبح نقول: اشتغلوا متل اسلوب هدى، وبالدقة في العمل التي رافقت هدى في كل حياتها المهنية، بالدقة والاحساس والوفاء والشعور بالمسؤولية في كل كلمة تقولها. وهذه المسؤولية هي واحدة من المسؤوليات التي تميزت بها هدى، وأنا أفكر ماذا سأقول: لم أجد أفضل، هدى الاستثنائية كنت الهدى وستبقين الهدى”.
وختم: “الله معك وسنظل نحبك”.
اترك ردك