بنت جبيل.اورغ
تُعد منشآت نطنز وفوردو تحت الأرض من أكثر المواقع الإيرانية تحصيناً، الأولى تضم أكثر من 11 ألف جهاز طرد مركزي وتحتوي على قرابة 500 كلغ من اليورانيوم العالي التخصيب، بينما الثانية تقع داخل جبل صخري يزيد عمقه عن 100 متر، وتضم أكثر من 3 آلاف جهاز طرد مركزي، ما يجعل اختراقها أمراً شبه مستحيل بالقصف التقليدي
حتى الآن لم تسفر الضربات التي استهدفت منشآت فوق سطح الأرض، مثل أجزاء من نطنز وأصفهان، عن تسرب إشعاعي كارثي، بل اقتصرت على تسربات ضعيفة ومحدودة، ناتجة عن مواد غير منشطرة مثل اليورانيوم الطبيعي أو الغازي، وهي لا تشكل تهديداً صحياً مباشراً
الخطر الحقيقي يكمن في حال تم استهداف مفاعل نووي نشط كمفاعل بوشهر، الذي يعمل منذ 13 عاماً ويحتوي على وقود مستهلك ونواتج انشطارية عالية التلوث، إذ أن ضرب هذا المفاعل قد يقرّب المنطقة من سيناريو مشابه لكارثة تشيرنوبيل أو فوكوشيما
2 – التأثير البيئي الإقليمي: الخليج في مرمى التلوث
تأثير أي تسرّب نووي من مفاعل نشط في إيران لن يقتصر على الداخل الإيراني، بل سيطال البيئة البحرية في الخليج، المياه الإقليمية، سلاسل الغذاء، والمناخ الجوي في دول مجاورة كالسعودية والكويت والإمارات وقطر، وقد يمتد نحو العراق والأردن ومصر
دول الخليج سارعت إلى إعلان حالة الطوارئ وتشكيل لجان خاصة لمواكبة أي سيناريو محتمل، في إشارة إلى أن القلق لم يعد سياسياً أو نظرياً، بل دخل حيّز الاستعداد العملي على مستوى السلامة العامة والخطط المدنية للطوارئ
3 – الانعكاسات الاقتصادية العالمية: النفط والتضخم
القلق أيضاً من انتقال التداعيات إلى الاقتصاد العالمي، حيث حذّرت دراسات من أن ضرب منشآت نووية قد يرافقه تهديد بإغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره ثلث التجارة النفطية في العالم، ما قد يرفع سعر برميل النفط إلى ما بين 100 و130 دولاراً بحسب تقارير مثل جي بي مورغان وغولدمان ساكس
هذا الارتفاع سيقود إلى تضخم عالمي، ومن ثم إلى سياسات رفع الفائدة مجدداً، ما يهدد بحدوث ركود اقتصادي عالمي، تتضرر فيه الأسواق الناشئة والدول المستوردة للطاقة، في حين تستفيد منه شركات السلاح، والذهب، والدولار
السيناريو الأسوأ ليس فقط في القصف، بل في ما يليه من فوضى، إذ أن أي تسرّب إشعاعي أو تعطيل لمنشآت طاقة سيعني انقطاعات كهرباء طويلة، تعطل سلاسل الإمداد، ونزوح سكاني محتمل من المناطق الملوثة نحو مناطق مجاورة
4 – خطر كسر التابو النووي: سوابق خطيرة
استهداف منشآت نووية في دولة مثل إيران لا يُعد تصعيدًا تقليديًا بل خطوة تكسر المحظور الدولي المعروف منذ عقود، وتفتح الباب أمام دول مثل روسيا لتبرير ضرب مواقع حساسة في نزاعات أخرى، كما في أوكرانيا
وفي حال قررت إيران الرد واستهدفت منشأة ديمونا الإسرائيلية، فإن الخطر الإشعاعي سيكون مباشراً على الأردن التي تبعد فقط 20 كيلومتراً عن الموقع، كما يمكن أن يتأثر جنوب فلسطين ومصر وشمال السعودية
رغم أن ديمونا مفاعل قديم تراجع دوره منذ سنوات، إلا أن ضربه قد يسبب تسرباً إشعاعياً خطيراً، نظراً لاحتوائه على نفايات مشعّة متراكمة منذ عقود، وهو ما يعيد فتح ملف التلوث المزمن الكامن في مواقع نووية قديمة غير مؤمّنة بشكل كاف.
اترك ردك