تحت عنوان “من التمريض إلى… كنس الطرقات وجمع التنك” كتب رمال جوني في نداء الوطن:
لم ينتظر حمزة الحاج علي، إبن بلدة النبطية الفوقا، فرصة عمل له في أحد المستشفيات كممرّض، بعد تخرّجه من الجامعة اللبنانية، فوجد نفسه يعمل في زراعة الدخان والخضار وجمع التنك وكنس الطرقات، كلّ ذلك من أجل مواجهة البطالة ورفض سياسة الدولة العاجزة عن الاستفادة من طاقات الشباب.
في زمن البطالة، كان حمزة يشقّ طريقه في الطرقات، يكنسها ويزيل الأوساخ عنها، بات هذا عمله منذ شهرين، الشاب الممّرض الكفوء كلّ وملَّ من إنتظار الردّ على طلبات التوظيف العدّة التي تقدّم بها الى مستشفيات المنطقة من دون جدوى. الطموح يعمل منذ عامين تقريباً في الأرض، خَبر زراعة التبغ والملوخية، حتى أنّه يجمع التنك والحديد ليبيعها، يرى في هذه الأعمال فرصته الوحيدة لمواجهة البطالة، وقد طرقت باب كثر من جيل الشباب.
يرفض حمزة فكرة الهجرة، فهي لا تعنّ على باله اليوم، خرّيج الجامعة اللبنانية ابن 23 عاماً، يرفض أن يكون عاطلاً عن العمل، بات مقتنعاً تماماً أنه لن يحظى بفرصة عمل في اختصاصه الذي تفوّق به، وهذا ما حدا به ليتّجه نحو العمل «باليومية» في أي فرصة يجدها، ولو كانت تنظيف الطرقات. برأيه، «صناعة المستقبل تبدأ من كسر قيود العمل، لا شيء يدعو للعيب أو الحرام، في اعتقاده، العمل يسقط كل المحظورات. يريد أن يكون نموذجاً يحتذى به، لماذا يستسلم الشباب للبطالة؟ سؤال يردّده على الدوام، بل يجزم أنّ انتظار الوظيفة في لبنان بات من سابع الأحلام، «لذا عملت في زراعة الدخان لـ3 أعوام، ثم زرعت الملوخية، وأزرع الخضار المتنوّعة، فأنا أعمل صباحاً في تنظيف الطرقات مع احدى الجمعيات، وبعد الظهر أزرع أو أجمع التنك والحديد، جلّ ما أريده هو أن أبني مستقبلي، ولو كان خارج اختصاصي».
لم يترك حمزة شيئاً يعتب عليه، تطوّع في الـ»يونسيف» لكسب الخبرة، وفي وزارة الصحّة علّه يحظى بعمل، خضع لدورات في اللغة الانكليزية، ويدرّس طلاباً أيضاً، «أريد أن أكون إنساناً يكافح لاجل البقاء في لبنان، وأرفض أن أكون هامشياً».
الشاب الهادئ، يعمل بجدّ ومثابرة، يمضي في رحلة بحثه اليومية عن بصيص أمل، لا ييأس، على العكس، بات مضرب مثل لكثر، يفتخر بكلّ ما يقوم به، «إي، أنا ممرّض وشاطر، ولكن أيضا نجحت في الزراعة والأعمال الاخرى، الأعمال في لبنان تحتاج واسطة وهذه أفتقدها، هل أضع يدي على خدّي وانتظر؟ كلا، سأثبت للكل أن الشاب اذا قرّر تغيير واقعه ينجح».
يحمل حمزة مكنسته بيد، وشهادته في يد أخرى، ويضع نصب عينه هدفاً يمضي لأجله. ينحدر من عائلة متواضعة، تنطلق من الاتّكال على الذات، فـ»عمري 23 سنة اذا لم أعتمد على ذاتي اليوم متى أفعل؟ هل انتظر الدولة التي لا تأبه بالشباب أم أنتظر ردّ المستشفيات على طلب ولن تفعل»؟
اترك ردك