حسن صيداوي: العريس الذي أراد أن يلوّن النبطية… فلوّنت دمائه الجدران إثر غارة إسرائيلية بينما كان على شرفة منزله في كفرجوز!

بعد منتصف ليل اليوم، كانت طائرات الاحتلال الإسرائيلي المسيّرة تستهدف أحد أبناء بلدة الخيام، الشاب محمد خريس الذي استشهد على الفور، بينما كان الشهيد حسن صيداوي يقف على شرفة منزله في بلدة كفرجوز – قضاء النبطية، يتأمل الجنوب الذي أحبّه، ويحلم بمستقبلٍ بالكاد بدأه.

حسن، العريس الجديد، والشاب الطموح الذي لم يمر وقت طويل على زفافه، كان يحلم بمشاريع صغيرة بدأها بإصرار رغم كل الظروف، ويكتب عنها بفخر عبر صفحاته، متحدّثًا عن مؤسسته، عن تجارته، عن الألوان التي كان يحلم أن يُعيد بها الحياة إلى جدران مدينته بعد كل غارة.

لكن في لحظة خاطفة، اخترقت شظية ناتجة عن القصف الإسرائيلي جسده، وأردته شهيدًا على الفور، ليرتفع صوته بين شهداء هذه الأرض، ويُنهي العدو قصة شاب بالكاد بدأ يكتب فصله الأول مع الحياة.

زوجته التي ما زالت تحتفظ بذكريات الزفاف، تحوّلت إلى أرملة. والأم التي كانت تفرح بحسن في بيت الزوجية، فقدت الذي كان سنداً وعوناً وروحاً لها بعد وفاة والده.

 النبطية التي عرفته شابًا طموحًا، معروفًا بابتسامته الهادئة، وحبّه للعمل والناس، ودّعته هذه المرّة مضرّجًا بلون لم يكن بين ألوانه.

لقد كان يحلم أن يُعيد “تلوين” النبطية بعد الحرب… لكن القدر رسم نهايته بلون الدم.

هذه ليست الحكاية الأولى، ولن تكون الأخيرة، في جنوبٍ تعوّد أن يودّع أبناءه واحدًا تلو الآخر، وسط صمت دولي، وعجز محلّي، واستخفاف عدوّ اعتاد أن يقتل بلا مساءلة.

حسن صيداوي، ابن النبطية، لم يكن في ساحة معركة، بل في منزله. وكان يحمل حلمًا لا يُهدّد أحدًا سوى الجهل والاحتلال. لكن العدو، كعادته، لا يحتاج إلى ذريعة ليرتكب الجريمة.

وداعًا حسن، رحلت قبل أن تكتمل ألوانك، لكن دمك صار اللون الأوضح على جدران مدينتك… لون الوجع، والشهادة، والحقّ.