ثلثا اللبنانيين بدناء!

كتب فؤاد بزي في صحيفة الأخبار:

«الترند العالمي للخسارة السّريعة للوزن، الدواء المعروف باسم أوزنبك Ozempic». الإبرة المخصّصة لعلاج مرْضى السّكري من النوع الثاني مفقودة من الصيدليات اللبنانية، لا لأسباب تتعلّق بالاستيراد، أو التسعير، أو الاحتكار، وليس لأن رياض سلامة يرفض دعمها، بل لأنّ استخدامها للتنحيف طغى على استخدامها العلاجي، ومن يريد الوصول إلى الوزن المثالي سحبها من أمام مرضى السّكري.

يمكن وصف الـ«أوزنبك» على أنّه «وصفة السوشل ميديا الطبيّة، أو مشورة مشاهير هذه السّاحات». فقد ذُكر وسم الدواء على منصة «تيك توك» 273 مليون مرّة العام الجاري فقط. وفي لبنان، يتناقل الناس أخباراً عن «قدراته الخرافية على تخفيف الوزن»، ما يساعد في انتشار استخدامه كـ«حل أول» للتخسيس، «حتى لو كان الوزن الزائد لا يتخطى 4 كيلوغرامات، كحال العديد من الفتيات»، تقول إحدى اختصاصيات التغذية.

في الصيدليات، «الدواء ماشي أكثر من البانادول»، بحسب الصيدلي شادي السبلاني. رغم أنّه ليس رخيصاً، بل غالٍ جداً، إذ «يصل السّعر الرّسمي للإبرة الواحدة، أو القلم إلى أكثر من 10 ملايين ليرة». ويحتوي كلّ قلم على 4 جرعات، ويؤخذ لمدّة شهر، بمعدل جرعة واحدة أسبوعياً. ولكنّ «الأثر ليس مباشراً، بل يحتاج إلى عدّة أسابيع»، يضيف السّبلاني، «معها تبدأ الآثار الجانبية للدواء بالظهور، منها الانقطاع التام للشهية، وهي السّبب الرّئيسي خلف قدراته السّحرية في تخفيف الوزن، إذ يتوقف المستخدم عن الأكل تماماً».

أمّا المدّة الزمنية المقدّرة لتخفيض الوزن، فيشير السّبلاني إلى «أنّها تصل إلى 6 أشهر، قد يخسر فيها المريض حوالي 20 كيلوغراماً في حال كان يعاني من السّمنة». وحول توافر بدائل لهذا الدواء، يؤكّد السّبلاني وجود أنواع أوروبية مشابهة له في السّوق السّوداء بسعر أعلى يصل إلى 200 دولار للقلم الواحد، وتأتي على شكل علب تحتوي كلّ منها على قلمين، لكنّ الصيدليات تبيعها بالحبّة.

لا يقلّل السّبلاني من الآثار الجانبية للدواء التي تبدأ بـ«النفخة، والإمساك، أو الإسهال، وصولاً إلى الجفاف». فـ«المستخدمون يبدأون باستعمال العيارات الخفيفة، مثل 0.25 و 0.5، للاعتياد على أثرها قبل الوصول إلى العيار الأعلى». ويحذّر السّبلاني من «العوارض الجانبية غير المعروفة حتى الآن، ولا سيّما أنّ الدواء جديد، ولا توجد دراسات كافية حول استخدامه للتنحيف، وهو غير مرخّص من أيّ وكالة أدوية عالمية لهذا الاستخدام، بعكس الاستخدام الأساسي له في علاج السّكري».

والعوارض المجهولة بدأت بالظهور، إذ أشارت «وكالة الأدوية ومنتجات الرعاية الصحيّة البريطانية» أمس إلى تلقيها بلاغات عن ارتفاع عدد محاولات الانتحار بين مستخدمي الدواء». وطلبت طلبت وكالة الدواء والغذاء الأميركية، أول من أمس، مزيداً من التحقيقات لتأكيد الرّبط بين استخدام أوزنبك وبين تأكيدات عدد من الأطباء في الولايات المتحدّة عن معاينة حالات مصابة بـ«شلل في المعدة» نتيجة استخدام الدواء.

ويُعرف هذا الاستخدام للأدوية المغايرُ لهدفها الأساسي، بـ«off label»، وفقاً لمديرة إحدى شركات استيراد الدواء الصيدلانية مريم غدّار، و«يفيد المصنّعين بإبقائهم خارج أيّ محاسبة قانونيّة في حال سوء الاستخدام من قبل الناس كونهم لم يطلبوا تشريعاً للاستخدام الثاني».

في المقابل، يرفض أحد أطباء الغدد والسّكري الموافقة على وصف «أوزنبك» للتنحيف بـ«الآمن»، مشبهاً الأمر بـ«من يجرب السلاح في رأسه، إذ لا توجد دراسات كافية تؤكّد أمان استخدام أوزنبك في تخفيف الوزن». كما يرفض «وصف الأدوية الذي يحصل تحت ضغط السوشل ميديا». ويتخوّف طبيب الطوارئ الدكتور مازن شعيتو من الاستخدام الخاطئ للدواء، «القصة مش مزحة»، يقول، إذ عاين بعض المرضى في المستشفى الذين وصلوا إلى حالة «سوء التغذية بسبب عدم تناول كمّيات مناسبة من الطعام خلال أخذ الجرعات»، ويضيف شعيتو أن «المرضى عند استخدامهم هذه العلاجات، يجب أن يبقوا تحت المراقبة الطبيّة».

وأمام ازدياد السمنة بين اللبنانيين، أصبح تخفيف الوزن هاجساً لكثيرين ممن يجرّبون عيادات التغذية من دون الوصول إلى النتيجة المرجوّة. «لا يوجد عصا سحرية هنا» تقول اختصاصية التغذية بتول منانة، فـ«ما اكتُسب من وزن خلال سنوات، لا يمكن إزالته في شهر أو أقل». والحل لخسارة الوزن هو «بتغييرٍ في نمط الحياة، فالشاي الأخضر، أو الأدوية لن تختصر الوقت للوصول إلى الوزن المناسب خلال مدّة قصيرة».

إلا أنّ الناس يتعاملون مع «أوزنبك» على أنّه الحل الأول، ويتناقلون أخبار نجاحاته بسرعة كالنار في الهشيم، إذ نجح فيصل في تنزيل وزنه 20 كيلوغراماً خلال شهرين فقط باستخدام هذه الإبر السّحرية، بعكس سالي التي لم تتمكّن من إزالة سوى كيلوغرام واحد شهرياً باستخدام الدواء، ما تعتبره منانة «استخداماً لا طائل منه».

وحول قيام بعض اختصاصيّي التغذية بـ«التوصية أو وصف الأدوية»، تشير منانة إلى أنّ هؤلاء «غير مخوّلين بذلك، إذ لا يمكن للاختصاصي متابعة العوارض الجانبية، والأمر يحتاج إلى طبيب، ولا سيّما أنّ هذه الأدوية مثل أوزنبك تحتوي على هرمونات، وقد يؤدّي استخدامها في بعض الأحيان إلى دخول المستشفى».

وتشير منانة إلى «وجود أشخاص أصحاب أجسام صحيّة، لكنّهم يريدون خسارة 3 إلى 4 كيلوغرامات، فليجأون لاستخدام هذا الدواء، إلا أنّهم لا يحصلون على النتيجة المرجوّة». وعن إمكانية الحفاظ على الوزن الجديد، يؤكّد اختصاصي التغذية حسين نعمة «استحالة الأمر، فالدواء ليس أداةً لخسارة الوزن بشكل دائم. لأنّهم يخسرون عضلات ومياهاً من أجسامهم، لا الدهون. فتخفيف الأكل وقطعه تماماً أمر مؤذ، وكذلك إزالة كلّ الوجبات، وهذا لا يمثل التوازن».

ثلثا اللبنانيين بدناء
64% من اللبنانيين يعانون من الوزن الزائد بشكل عام، و31% من أصحاب الوزن الزائد في لبنان وصلوا إلى مرحلة السّمنة، وفقاً لأرقام منظمة الصحة العالمية، أكثريتهم من الذكور. وعالمياً، تحتل السّمنة المركز الخامس في التسبب بالموت، إذ قتلت العام الماضي أكثر من 5 ملايين شخص حول العالم. لبنانياً، أدّت الأمراض المرتبطة بالسّمنة إلى موت أكثر من 6 آلاف شخص عام 2020، ما نسبته 18% من عدد الوفيات، دائماً بحسب أرقام منظّمة الصحة العالمية.

طريقة عمل Ozempic

يحتوي «أوزنبك» على مركّب يُعرف باسم «Semaglutide»، يخفّض مستويات السّكر في الدّم، وينظّم من فرز الأنسولين. وهو أمر مهم جداً للأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني، أي المرضى الذين فقدوا فعالية الأنسولين الطبيعي في أجسامهم.
 
يحاكي الدواء أيضاً هرموناً ننتجه بشكل طبيعي في أمعائنا، ويحدّ من الشهية عن طريق إرسال إشارات إلى أجسامنا بأننا نشعر بالشبع، ما يدفع معدتنا إلى تفريغ الطعام ببطء أكبر. نتيجة لذلك، يفقد الأشخاص المصابون بالسّمنة وزنهم بسرعة أثناء تناول الـ«أوزنبك»، إذ يشعر مستخدمو الدواء بالشبع بشكل أسرع، ولا تعود الأطعمة مثيرةً لهم.

المصدر: الأخبار