قبل انتهاء العدوان بأسبوع، أغارت طائرات العدو الإسرائيلي على مجمع سكني على طريق المستشفى الحكومي في النبطية، يقطن فيه الصيدلاني نادر خطاب بدر الدين، دمرت الغارة منزله وصيدليته بالكامل، فوراً لمعت في ذهن الرجل فكرة «تحويل الدمار إلى حياة»، فقرر الشروع بتجهيز بيت جاهز (كونتينر) وزرْعِه فوق الدمار وتحويله إلى صيدلية بديلة، فكلّف حدّاداً بتجهيز الكونتينر وأوصى على الآرمة وعثر على بلّاط لتبليط الأرضية وأخذ إذن البلدية، «اتُّهمتُ حينها بالجنون، ولما توقفت الحرب أزلت بعض الركام ونصبتُ الصيدلية الجاهزة» يقول الصيدلاني ابن الصيدلاني، الذي لم يقطع مرضاه الصامدين طوال الحرب وظل يؤمن لهم أدويتهم الضرورية رغم المخاطر المحدقة، حتى أتت الغارة على كامل مخزونه من الأدوية مكبدة إياه خسائر بمئات آلاف الدولارات (مع البناء).
«زرعتُ صيدليتي البديلة في هذا المكان بالتحديد من أجل أن أوصل رسالة مفادها أننا من الدمار سنخلق حياةً وأن إسرائيل لن تقوى على قتل روحنا» ويضيف بدر الدين الذي قضى 11 سنة من حياته في العمل الصيدلي بمعدل دوام 18 ساعة يومياً «بكيتُ في حياتي ثلاث مرات، لما مات والدَيَّ، وثانيةً لما دُمرت صيدليتي، وثالثةً بالأمس لما وضعتُ أول علبة دواءٍ على الرف في هذه الصيدلية البديلة».
في الحي المدمر، تقبع الصيدلية الكونتينر بجوار ركام فيلا وفي مقابل مجمع سكني تداخلت شبابيكه بشرفاته بألواح الطاقة الشمسية من شدة التدمير، وبين كومتَيْ حطام ثمة متّسعٌ لعبور سيارة تترجل منها سيدة تحصل على دواء لطفلها وتغادر على وقع عبارة «شكراً دكتور نادر».
(الأخبار)
اترك ردك