كتبت صحيفة “الجمهورية”:
فيما يُنتظر أن يتبلّغ لبنان غداً الردّ الإسرائيلي الذي سينقله الموفد الرئاسي الأميركي توم برّاك، ما زالت المفاوضات الجارية في أروقة الأمم المتحدة في شأن التمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) متعثرة، فيما طلبت فرنسا تأجيل التصويت في مجلس الأمن الدولي على قرار التمديد لهذه القوات إلى 29 آب الجاري، حيث تنتهي ولايتها الحالية في 31 منه.
يصل برّاك ونائبته مورغان اورتاغوس مساء اليوم إلى بيروت عن طريق دمشق التي سيزورها اليوم آتياً من “إسرائيل”، ويلتقي الرئيس السوري احمد الشرع.
ومن المنتظر أن يبلّغ برّاك إلى المسؤولين اللبنانيّين غداً الردّ الإسرائيلي المفصّل، وسيرافقه وفدٌ أميركيٌ رفيع يضمُّ شخصياتٍ عسكرية والسيناتور البارز ليندسي غراهام المعروف بقربه الشديد من الرئيس الأميركيّ ومواقفِه المتشدّدة حيال إيران و”حزبِ الله”.
وعُلم انّ برّاك وأعضاءَ الوفد المرافق سيتناولون الغداء إلى مائدة رئيسِ الحكومة نواف سلام . وكان برّاك وصل إلى “تل ابيب” أمس، وطالب إسرائيل بخفض وتيرة ضرباتها على لبنان، في إطار مساعٍ لاحتواء التصعيد وتعزيز الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار.
وأفاد موقع “أكسيوس”، أنّ برّاك التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ووزير الخارجية جدعون ساعر، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس.
وخلال اللقاءات، نقل برّاك رسالة واضحة من إدارة الرئيس دونالد ترامب بضرورة ضبط العمليات العسكرية في لبنان، وفتح المجال أمام الجهود السياسية والأمنية الجارية.وأشار إلى أنّ بلاده ترى أنّ على إسرائيل أن تبادر بخطوات متوازية مع ما اتخذته الحكومة اللبنانية من قرار يقضي بنزع سلاح “حزب الله” قبل نهاية السنة الحالية، وهي الخطوة التي كان وصفها في زيارته الأخيرة لبيروت بأنّها “المرحلة الأولى” على طريق تنفيذ التزامات اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي ما يتعلّق بزيارته اليوم لسوريا، أوضح برّاك أنّها تأتي ضمن خطة أميركية أوسع، تهدف إلى وضع ترتيبات أمنية جديدة بين إسرائيل ولبنان من جهة، وبين إسرائيل وسوريا من جهة أخرى، تمهيداً لبحث إمكانية الانتقال نحو مسار تطبيع سياسي وأمني في المستقبل.
ضبط الضربات
وإلى ذلك، قال مراسل موقع “إكسيوس”، باراك رافيد، إنّ زيارة برّاك غايتها البحث مع المسؤولين الإسرائيليين الكبار في طلب الإدارة الأميركية من إسرائيل ضبط ضرباتها في لبنان، إضافة إلى مناقشة المفاوضات الجارية مع سوريا. وقال: “تعمل إدارة ترامب في الوقت نفسه على دفع تنفيذ ترتيبات أمنية جديدة بين إسرائيل ولبنان وبين إسرائيل وسوريا، كخطوة أولى نحو تطبيع العلاقات المحتمل في المستقبل”.
ونقل موقع “إكسيوس” عن مسؤولين أميركيين، إلى أنّ استمرار الحرب في غزة يجعل لدى إسرائيل مصلحة في تهدئة الأوضاع على حدودها مع سوريا ولبنان، والتوصل إلى اتفاقات جديدة مع كلا البلدين.
التجديد لليونيفيل
يتوقع دبلوماسيون اتصالاً قريباً بين وزيري الخارجية الفرنسي جان نويل بارو والأميركي ماركو روبيو لحسم صيغة قرار التمديد لـ”اليونيفيل” 12 شهراً. الولايات المتحدة عطلت “الإجراء الصامت” على المسودة الفرنسية، مطالبةً بلغة أوضح حول إنهاء مهمة القوة وسحبها لاحقاً. الصيغة المعدلة تنص على التمديد حتى 31 آب 2026 مع خطة انسحاب تدريجية مرتبطة بقدرة الدولة اللبنانية على بسط سيطرتها الكاملة. كما تطلب مراجعة استراتيجية بحلول آذار 2026 ودعوة لبنان لاحترام اتفاق 1995 وضمان حرية حركة القوات. الخلاف يتمحور حول إبقاء احتمال استمرار القوة بعد 2026، ما ترفضه إسرائيل بشدة.
خشية من سلبية
وقالت مصادر سياسية لـ”الجمهورية”، إنّها تخشى أن تخيّم أجواء سلبية على زيارة برّاك وأورتاغوس المنتظرة للبنان، لأنّ الجانب اللبناني سيعتبر الردّ الإسرائيلي غير كافٍ، وغير متكافئ مع الخطوات التي اتخذها حتى الآن، ولا سيما لجهة القرار الذي تمّ تكليف الجيش بتنفيذه، إعداد خطة لحصر السلاح في يد الدولة ضمن مهلة تمتد حتى نهاية العام الجاري. فالمشكلة التي تتوقعها المصادر جوهرها السؤال الآتي: ماذا لو أبلغ برّاك إلى الجانب اللبناني رداً إسرائيلياً اعتبره تهرّباً من الالتزامات؟ وكيف ستتعاطى الحكومة في هذه الحال مع “حزب الله” الذي يصرّ على أنّه لن يبحث في مستقبل سلاحه إلّا إذا التزمت إسرائيل تماماً ببنود وقف النار، وقدّمت ضمانات واضحة وثابتة إلى لبنان؟ وكيف ستقنع الحكومة “حزب الله” بالتجاوب في موضوع المهلة المعطاة إليه للتعاون في مسألة تسليم سلاحه، فيما كوادره يرفعون الصوت مطالبين بإلغائها لئلا تتحول ورقة ضدّ لبنان ولمصلحة إسرائيل؟ وبناءً على ذلك، تتخوف المصادر من نشوء تعقيدات داخلية بعد زيارة برّاك، على الجميع التنبّه إليها استباقياً.
اترك ردك