الحكومة تتجهّز بحال إندلاع الحرب: الطلب من كل وزارة تحديد احتياجاتها لتُصبِح أكثر جهوزية وتقسيم لبنان جغرافياً إلى ثلاث مناطق

مواكبةً للتطورات على الحدود الجنوبية، بدأت الحكومة بالتعاون مع هيئات الأمم المتحدة التحضير لخطة طوارئ، عُلم أنها انطلقت من مقارنة معيارية مع عدوان تموز 2006، تسمح لها بالتدخّل على الصُّعد الإنسانية والخدماتية والطبية والاجتماعية في محاولة لمواجهة ما قد يحصل في حال توسّعت دائرة المعركة.

وعقد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اجتماعاً أمس ضمّ وزراء الداخلية والبلديات بسام مولوي، الصحة فراس أبيض، الإعلام زياد مكاري، البيئة ناصر ياسين، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد المصطفى، منسّق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في لبنان عمران ريزا، ومسؤولي الهيئات الإنسانية والإنمائية والإغاثية التابعة للأمم المتحدة العاملة في لبنان. وشمل البحث خطة الطوارئ التي أعدّتها تلك الهيئات والنتائج التي خلصت إليها اجتماعات هيئة إدارة الكوارث، بهدف التنسيق بين الجانبين، نظراً إلى كون الدعم المباشر والأساسي من المُنتظر أنّ تقدّمه هيئات الأمم المتحدة.

وفي التفاصيل، تمّ تقسيم لبنان جغرافياً إلى ثلاث مناطق: المناطق التي قد تكون عرضةً للاستهداف وتشمل الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت وبعلبك – الهرمل، ومناطق الدعم الإغاثي في بيروت وصور وصيدا والبقاعين الأوسط والغربي، ومناطق استقبال النازحين، وتضمّ الشوف وعاليه ومناطق الشمال، إضافة إلى بيروت وصيدا. ووفق المعلومات، طُلِب من كل وزارة تحديد احتياجاتها لتُصبِح أكثر جهوزية، ومن هيئات الأمم المتحدة وضع خطط استجابة، على أن يتطرّق اجتماع الغد إلى تفاصيل ما يمكن أن تقدّمه كل منظمة، وما يحتاج إليه كل قطاع، وكيفية تنسيق تبادل التفاصيل والـ«الداتا». وفي هذا الصدد، تشير المصادر إلى أنّ «هناك قطاعات جاهزة أكثر من سواها كوزارة الصحة التي كانت تتحضّر لمواجهة موجة كوليرا محتملة قبل مدّة»، ورغم ذلك طلبت «الصحة» أمس دعماً من منظمة الصحة العالمية. بالتوازي «تُدرس إمكانية الاستعانة المباشرة بمساعدات من برنامج الأغذية العالمي». في السياق نفسه، أفادت المصادر بأنّ وزير الطاقة وليد فياض طلب من الوزارات التي سيكون تدخّلها إستراتيجياً وفي مقدّمتها وزارتا الصحة والاتصالات تقدير حاجتها من الفيول لتأمين الكميات المطلوبة.

عملياً، التشبيك سيتم على مستويين، الأول بين الوزارات ومنظّمات الأمم المتحدة لتنسيق الأعمال المرتبطة بحالات الطوارئ إن حصلت، وإرسال ما هو مطلوب. والثاني، محلّي على مستوى الأقضية، يرافقه استحداث غرف طوارئ وإدارة كوارث في المحافظات. ويُعقد اليوم اجتماع تقني يضمّ مندوبين عن الوزارات المختصّة وهيئات الأمم المتحدة لبلورة الخطوات التنفيذية والتنسيق من أجل خطة العمل النهائية. كما اتّفق الجانبان على يوم عمل طويل الأسبوع المقبل.

وفي جلسة ما بعد الظهر، وافق مجلس الوزراء على خطة وزارة الأشغال العامة والنقل «لتأمين الجهوزية لمواجهة أي احتمالات ممكنة على البنى التحتية»، في حال نشوب حرب واسعة في لبنان. كما وافق على خطة وزارة الصحة التي تتضمن دعم المستشفيات الخاصة والحكومية وتغطية تكاليف المصابين جرّء الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة جنوباً، وإمكانية اتّساع رقعتها، وتأمين المستلزمات الطبية، وذلك من خلال الإجازة للوزارة بالتصرّف بالأموال المودعة لمصلحتها في مصرف لبنان والتي كانت مخصّصة لمواجهة جائحة كوفيد 19 والموافقة على إعطاء الوزارة سلفة خزينة بقيمة 1000 مليار ليرة، ما يوازي 11 مليون دولار.

وفي ظلّ الأوضاع الراهنة، المترافقة مع قرب انتهاء ولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون، وما يشهده المجلس العسكري من فراغ، طرح وزير البيئة ناصر ياسين، مسألة تعيين رئيس للأركان، كخطوة باتت ضرورية، سيّما أنّ الأوضاع الأمنية والسيناريوهات مفتوحة على احتمالاتٍ كثيرة، منها دخول لبنان الحرب مع إسرائيل. فأجاب ميقاتي بأن «الأمر يحتاج إلى دراسة»، مفضّلاً كخطوة أولى، إرسال مشروع قانون إلى مجلس النواب متعلّق بتمديد تسريح المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان لعامٍ واحد.