ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداسا احتفاليا في كنيسة مار مارون في المعهد الحبري الماروني في روما، عاونه فيه المعتمد البطريركي لدى الكرسي الرسولي رئيس المعهد المطران يوحنا رفيق الورشا والمطران بولس مطر والوكيل البطريركي في المعهد الخوري جوزيف صفير، وخدمته جوقة الرعية بقيادة الخوري مرسيلينو عسال.
حضرت القداس سفيرة لبنان في ايطاليا ميرا ضاهر، سفراء كل من: اليمن ASMAHAN AL TOQI ، العراق SAYWAN BARZANI ، الاردن KAYS ABOU DIYYE، عقيلة سفير لبنان لدى الكرسي الرسولي فريد الياس الخازن السيدة SOULA EL KHAZEN ، فلسطين ABEER ODEH، سفير العراق لدى الكرسي الرسولي RAHMAN AL AMERI، القائمة بأعمال السفارة اللبنانية لدى الكرسي الرسولي ريتا قمر، قنصلا لبنان في مرسيليا شربل الشبير والبندقية يوسف مهنا، نائب رئيس الاتحاد البرلماني الأوروبي فابيو مسيمو كستالدو والنائبة في البرلمان الإيطالي سيمونيتا ماتوني.
حضر أيضاً بطريرك السريان الانطاكي مار يوسف الثاني يونان، المطران فرانسوا عيد ، امين عام مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك الاب خليل علوان، وكلاء الرهبانيات في روما، مدير مكتب طيران الشرق الاوسط في روما مروان عطالله، رئيس مجموعة “الوردية هولدينغ” إيلي باسيل، رئيس جمعية “الأرز للسلام” حسن بو حرفوش وأبناء الرعية المارونية في روما وحشد من ابناء الجالية اللبنانية وشخصيات عسكرية وفاعليات.
العظة
بعد الإنجيل، ألقى الراعي عظة بعنوان “ذهبت مريم مسرعة إلى بيت إليصابات” قال فيها : 1. بشر الملاك جبرائيل مريم بأنها نالت نعمة عند الله، وهي أنها تحمل وتلد ابنا بقوة الروح القدس، وهي عذراء، والمولود منها هو ابن الله، واسمه يسوع (راجع لو1: 30-35). وأعلمها أن نسيبتها إليصابات حملت بابن في شيخوختها، وهي في شهرها السادس (راجع لو1: 26). اختصر حدث البشارة لمريم وزيارتها لإليصابات بثلاث كلمات: شركة ومشاركة ورسالة. وهي موضوع سينودس الأساقفة الروماني “من أجل كنيسة سينودسية” الذي دعا إليه قداسة البابا فرنسيس ليعقد في تشرين الأول 2023. وسبقته مرحلتان إعداديتان: الأولى على صعيد الأبرشيات والمجالس الأسقفية والدوائر الرومانية ابتداء من تشرين الأول 2021، وكان بين أيدينا “الوثيقة الإعدادية”؛ والثانية على مستوى القارات ونحن سنجتمع غدا وبعد غد لهذه الغاية مع قداسة البابا فرنسيس وبين أيدينا “وثيقة المرحلة القارية”، وهي حصيلة الوثيقة السابقة ومصادرها”.
أضاف: “يسعدني أولا أن أحيي جميع الحاضرين، وبخاصة الأساقفة والرؤساء العامين وسفراء الدول، وفي مقدمتهم سفيرة لبنان لدى Quirinale والقائمة بأعمال السفارة اللبنانية لدى الكرسي الرسولي، والآباء الوكلاء العامين لدى الكرسي الرسولي وسائر الآباء، والسيدات والسادة المشاركين. أما وقد مر علينا حزينا عيد الاستقلال، نصلي معا في هذه الليتورجية الإلهية من أجل الاستقرار في لبنان العزيز بدءا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية. ذلك أن بغياب رئيس تتفكك أوصال الدولة، ويهتز الكيان، وتتزعزع الوحدة الداخلية، ويتعطل فصل السلطات، ويتكاثر النافذون، وتدب الفوضى، وتتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، كما هو حاصل وبكل ألم”.
وتابع: “شركة ومشاركة ورسالة. على هذه الأركان الثلاثة تقوم “الكنيسة السينودسية”، التي نحن في صدد إعدادها وفقا لتوجيهات قداسة البابا والأمانة العامة لسينودس الأساقفة. حدث بشارة العذراء وزيارتها لإليصابات يسهلان علينا فهم هذه الكلمات اللاهوتية في أساسها. الشركة تنبع من الله، وهي دخوله في حياة البشر بتجسده. البشارة لمريم أعلنت وحققت هذه الشركة عبر شخص مريم، التي تمثل كل إنسان مؤمن، وتمثل بامتياز الكنيسة، جسد المسيح السري. المشاركة هي أن الله أشرك مريم والبشرية بتصميمه الخلاصي وبفيض النعم والبركات. الرسالة هي العمل على إحياء الشركة وعيش المشاركة النابعتين من الله عموديا، من أجل تحقيقهما أفقيا بين الناس. وهذا ما فعلته مريم العذراء. فبعد أن قبلت الشركة مع الله، والمشاركة في تحقيق إرادته وتصميمه الخلاصي بجواب ملؤه طاعة الإيمان والحب والرجاء: “ها أنا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك” (لو1: 38)، انطلقت إلى الرسالة لدى إليصابات”.
وقال: “أراد قداسة البابا أن ينعم جميع الناس بهذه العطايا الثلاث: الشركة وهي الدخول في شركة اتحاد مع الله؛ المشاركة، وهي الاتحاد مع جميع الناس وتقاسم العطايا والمواهب الإلهية المادية والثقافية والروحية والمعنوية؛ الرسالة، وهي الانفتاح الدائم على الغير، والخروج من روح الأنانية والاستهلاكية، وعيش البعد الاجتماعي المعطاء في كيان كل إنسان. نحن نصلي من أجل أن تتحقق أمنيات قداسة البابا فرنسيس من خلال مقاصده لعقد هذا السينودس. كم نتمنى لو أنّ نواب الأمة في لبنان وكتلهم يدخلون في إطار هذا التيار الروحي الجديد، الذي يشكل أساس العيش معا وحوار الحياة والثقافة والمصير. أعني به “السير معاً بروح الشركة والمشاركة والرسالة”. إنها في الحقيقة تشكل جوهر النظام اللبناني القائم على التعددية الثقافية والدينية في وحدة العيش المشترك، والمشاركة في الحكم والإدارة، بروح الميثاق الوطني والدستور. هذا الجوهر الكياني جعل من لبنان “صاحب رسالة ونموذج للشرق كما للغرب”، على ما قال عنه القديس البابا يوحنا بولس الثاني”.
أضاف: “بقطع النظر عن العرف القائل بوجوب نصاب ثلثي أعضاء مجلس النواب في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، يجب ألا ننسى المبدأ القانوني القائل: “ان لا عرف مضاداً للدستور”. الدستور بمادته 49 عن انتخاب الرئيس بثلثي الأصوات في الدورة الأولى، وفي الدورة التالية وما يليها بالأغلبية المطلقة (نصف زائداً واحداً). فلماذا إقفال الدورة الأولى بعد كل اقتراع وتعطيل النصاب في الدورة التالية خلافا للمادة 55 من النظام الداخلي للمجلس؟ لا يستطيع المجلس النيابي مواصلة التلاعب والتأخير المتعمد في انتخاب “رئيس للدولة يؤمن استمرارية الكيان والمحافظة على النظام”. فما هو المقصود؟ أعكس ذلك؟ أعدم فصل السلطات؟ أمحو الدور الفاعل المسيحي عامة والماروني خاصة؟ لماذا رئيس مجلس النواب ينتخب بجلسة واحدة وحال موعدها؟ ولماذا يتم تكليف رئيس الحكومة فور نهاية الاستشارات الملزمة؟ أهما أهم من رئيس الدولة؟ إكشفوا عن نواياكم يا معطلي جلسات انتخاب رئيس للدولة”.
وتابع: “إذهبوا وانتخبوا رئيسا قادرا بعد انتخابه أن يجمع اللبنانيين حوله وحول مشروع الدولة، ويلتزم الدستور والشرعية والقوانين اللبنانية والمقررات الدولية، ويمنع أن يتطاول عليها أي طرف وأن يحول دون تنفيذها وتعطيلها، أو أن يتنكر لدور لبنان ورسالته في المنطقة والعالم. لا تنتخبوا رئيسا لهذا الحزب أو التيار أو المذهب. ولا تنتخبوا رئيسا لربع حل أو نصف حل، بل لحل تدريجي كامل. فرئيس لبنان يكون لكل لبنان أو لا يكون، مثلما يكون لبنان لكل اللبنانيين أو لا يكون. يبقى أن يكون كل اللبنانيين للبنان بولائهم الوطني وخضوعهم لدستور الدولة. لبنان لا يستطيع انتظار حلول الآخرين لينتخب رئيسه، خصوصا أن ما يحصل في الـمنطقة لا يعد حتما بإيجاد حلول للمشاكل القائمة، بل يبقى الخطر قائما بنشوء حروب جديدة من شأنها أن تعقد الحل اللبناني. وحتى الآن نسمع باتصالات ومبادرات من هذه الدولة أو تلك ولا نرى نتائج. المحطات التاريخية في لبنان أتت نتيجة مبادرات لبنانية ولو كانت دول صديقة ساعدتنا على تحقيقها. فإنشاء دولة لبنان الكبير والاستقلال جاءا نتيجة جهد لبناني أثر على الخارج وليس العكس. فما بالنا نعطل انتخاب رئيس للجمهورية. ولماذا يدعي البعض أن انتخاب الرئيس ممكن بعد رأس السنة. فما الذي يمنع انتخابه اليوم؟ فهل سيتغير العالم سنة 2023؟”
وختم الراعي: “نصلي معا من أجل لبنان، كي يخرجه الله من ظلمة أزماته إلى نور تحريره ومواصلة رسالته. فهو سميع مجيب! له المجد إلى الأبد.
وفي نهاية القداس، استقبل الراعي في صالون المعهد المشاركين في القداس، وأقيم غداء على شرفهم.
اترك ردك