المكتب الاعلامي لحسان دياب: إذا كان حاكم مصرف لبنان يحاول الحصول على براءة ذمة من مسؤولية الانهيار فإنّ هذه الشهادة لن يحصل عليها من تزوير الحقائق والوقائع!

صدر عن المكتب الإعلامي للرئيس الدكتور حسان دياب البيان التالي:
” آلينا على أنفسنا، عدم الدخول في سجالات وردود على الحملات المنظّمة التي تستند إلى ترويج أكاذيب، لأنّنا نؤمن أنّ حبل الكذب قصير، وأنّ اللبنانيين يعرفون الحقائق وأنهم لن يُلدغوا مرتين من الذين تسببوا في هذا الانهيار المالي والاجتماعي والاقتصادي.
لكن، يبدو أنّ الأمور تجاوزت حدود الكذب إلى التزوير. تزوير التاريخ القريب والبعيد، وتزوير الحقائق والوقائع.
ذاكرة اللبنانيين القريبة، لا يستطيع أحد أنّ يعطّلها. فالأزمة بدأت قبل أربع سنوات فقط، عندما انهارت العملة الوطنية في العام 2019، وعندما خرج اللبنانيون إلى الشارع، وعندما أقفلت المصارف أبوابها، وعندما تم تهريب مليارات الدولارات إلى خارج لبنان، وعندما سقط القناع الذي استمر عشرات السنوات يُقنع اللبنانيين أنّ الليرة بألف خير.
لا بأس، فهذه كلها يعلمها اللبنانيون جيداً، ويعلمون بدقة من هو المسؤول عن الكارثة التي حلّت بالليرة اللبنانية، وساهم بتبديد مدّخراتهم وفقدان ودائعهم.
أما أن يحاول حاكم البنك المركزي السيد رياض سلامة تزوير الوقائع بأن الأزمة المالية بدأت في العام 2020 مع قرار الحكومة اللبنانية بالتوقف عن دفع أكثر من 12 مليار دولار على مدى 3 سنوات هي قيمة خدمة الدين العام الذي تم إغراق لبنان به، فإن ذلك يكون أكبر من تزوير، ومحاولة مكشوفة للقفز فوق ذاكرة اللبنانيين، بل تحمل في طياتها عدم احترام لعقول اللبنانيين.
لكن الحاكم المالي يذهب إلى ما هو أبعد، عندما يتحدّث عن خسارة المصارف 15 مليار دولار بسبب توقف دفع خدمة الدين. 
لقد نطق الحاكم بكلمات لا تصلح للتسويق، ولا تحتمل التصديق، ولا تحمل إلا التزوير. فإذا كان الحاكم يحاول الحصول على براءة ذمة من مسؤولية الانهيار، فإن هذه الشهادة لن يحصل عليها من تزوير الحقائق والوقائع.
ولوضع النقاط على حروف الحاكم، نورد ما يلي:
ـ إن الانهيار المالي الذي يعيشه لبنان، بدأت مؤشراته الفعلية منذ العام 2011، لكن المكابرة، والاستمرار في سياسة الهروب إلى الأمام، بحجة دعم الليرة اللبنانية، وبحجة تمويل الدولة، عمّق الأزمة، حتى أصبح الخروج منها يحتاج إلى معجزة.
ـ إن السياسة المالية التي كانت متّبعة، كانت تقوم على إخفاء الخسائر، والتلاعب بالأرقام، واعتماد المناورة، إلى أن وصلت الأمور إلى نقطة لا يصلح معها الاستمرار بتلك السياسة.
ـ إن سياسة استدانة الدولة لتمويل عجزها، قد تسبّبت بتراكم هذه الديون حتى أصبح سداد خدمتها صعباً جداً ويشكّل ثلث موازنة الدولة.
ـ إن الانهيار المالي بدأ بالظهور إلى العلن في العام 2019، مع بدء انهيار العملة الوطنية، على الرغم من أن حاكم المصرف المركزي كان، قبل أسابيع فقط من الانهيار، يستمر بطمأنة اللبنانيين إلى أن “الليرة بخير”.
ـ إن الهندسات المالية التي اعتمدها حاكم مصرف لبنان لإنقاذ مصارف عديدة من الإفلاس، ساهم إلى حد بعيد في تبديد أموال المصرف المركزي، وكذلك في تبخّر جزء كبير من ودائع اللبنانيين.
ـ إن القول بأن امتناع الحكومة عن سداد الدين هو سبب الأزمة، يفتقر إلى الحد الأدنى من احتمال التصديق، لأن الأزمة سبقت مجيء حكومتنا التي بدأت عملها في 11 شباط 2020، بينما الانهيار بدأ قبل ذلك بنحو 8 أشهر، وتسبب بتظاهرات وباستقالة الحكومة السابقة.
ـ إن القول بأن التوقف عن سداد الدين هو سبب الإنهيار المالي، وأنه كان يمكن معالجة الديون لو دفعت الحكومة استحقاق الدين، يشكّل مهزلة حقيقية. ولإنعاش الذاكرة فقط، فإن حاكم المصرف المركزي، وفي عزّ بداية الانهيار، أي في كانون الأول 2019، وعندما كان الناس يتظاهرون في الشوارع، وقبل مجيء حكومتنا، قام الحاكم بتسديد مبلغ مليار ونصف المليار دولار من سندات الدين، إلا أن ذلك لم يوقف مسار الانهيار، بل على العكس، استمر الانهيار بوتيرة أسرع.
ـ إن الحديث عن خسارة المصارف 15 مليار دولار، هو محاولة مكشوفة لإعطاء المصارف براءة ذمّة من ودائع اللبنانيين.
ـ إن تذرّع حاكم المركزي بأنه كان يلبّي طلب الحكومات بالاستدانة لتمويل عجز الدولة على مدى عشرات السنوات، يتضمّن اعترافاً صريحاً بأحد أسباب الانهيار، ويناقض ما زعمه بأن الامتناع عن تسديد الدين تسبّب بالأزمة. كما أن هذه الذريعة لا تعفيه من مسؤولية شراكته في زيادة حجم الدين، لأنه كان يستطيع الامتناع عن تغطية عجز الدولة والتوقف عن إعطائها ودائع اللبنانيين لإنفاقها، فضلاً عن إنفاق عشرات مليارات الدولارات من ودائع الناس على دعم الليرة.
ـ للذاكرة فقط، فإن قيمة سندات الدين التي كان على الدولة اللبنانية دفعها في 3 سنوات، 2020 و2021 و2022، يتجاوز 12 مليار دولار، أي أكثر مما يعلن الحاكم اليوم عن حجم الاحتياط في مصرف لبنان. ولو دفع لبنان تلك السندات على مدى 3 سنوات، لكان لبنان لا يملك اليوم ثمن الطحين غير المدعوم ولا الدواء غير المدعوم ولا الحليب غير المدعوم، ناهيك عن تأثير ذلك على سعر صرف الليرة، خصوصاً في ظل ما عاشه العالم على مدى تلك السنوات من إقفال وجمود نتيجة جائحة كورونا. 
أخيراً، وليس آخراً، فإن اللبنانيين يعرفون جيداً المسؤولين عن الانهيار، ونبضُ الناس أصدق من كل محاولات تزوير الحقائق وتغيير الوقائع”.


Exit mobile version