تحت عنوان “طبيب لبنانيّ يحتلّ المرتبة الأولى في تصنيف Le Point كأفضل جرّاح في العامود الفقريّ: “كان همّي الوحيد أن أعمل جيّداً وأساعد المرضى”” كتبت ليلي جرجس في النهار:
احتلّ الطبيب اللبناني إبراهيم عبيد المركز الأول كجرّاح في العامود الفقريّ، والمركز التاسع كطبيب عظم في تصنيف المجلة الفرنسية Le Point.
من مدينة حلبا العكارية إلى جامعة القديس يوسف تابع الدكتور إبراهيم عبيد اختصاصه العلميّ، قبل أن يسافر في العام 2003 إلى فرنسا. ومن هناك بدأت الحكاية!
ويوضح عبيد في اتّصال مع “النهار” أنّه “احتلّ المرتبة التاسعة في اختصاص العظم، والمرتبة الأولى في العامود الفقريّ في تصنيف “Le Point”. ولا يُخفي أنّه “لم أتوقع يوماً أن أصل إلى ما وصلتُ إليه اليوم، صحيح أنني حملتُ طموحي وسافرتُ لتحقيق ذاتي، إلّا أنّني لم أخطّط للحظة بأن أصنّف في المركز الأول كجرّاح في العامود الفقريّ. كان همّي الوحيد أن أعمل جيّداً وأساعد المرضى، وكان عليّ أن أعمل جاهداً بما أنني في الغربة، لأثبت مدى قدراتي وكفاءتي وأثبت وجودي. عملتُ كثيراً وأجريت جراحات لا تحصى، بالإضافة إلى أبحاث علمية وتقنيات جديدة أطلقتها بفضل تجاربي وخبرتي في مجال العامود الفقريّ”.
يعود عبيد إلى بداياته، يتذكّر جيداً أنّه منذ كان في الرابعة من عمره قرّر أن يصبح طبيباً، ولم يكن يضع هدفاً آخر أمام عينيه.
درس الطبّ في جامعة القديس يوسف، وتدرّب في مستشفى أوتيل ديو، وفي العام 2003 سافر إلى فرنسا، كما يقول “لسنتين فقط، ولكنّ الظرف الأمنيّ في البلد في العام 2005، واغتيال الحريري جعلاه يتروّى في قرار العودة إلى حين استقرار الوضع”.
في العام 2007، حصل عبيد على الجنسية الفرنسية، وفي الوقت نفسه كان يعمل على تعديل شهادته التي استغرقت وقتاً. سنة ونصف قضاها عبيد في مدينة باريس قبل أن ينتقل في العام 2004 إلى مدينة بوردو التي ما زال يمكث فيها.
بدأت مسيرته جرّاحاً في قسم العامود الفقريّ في مستشفى بوردو الجامعيّ، لكنّه سرعان ما بدأ يخطو خطواته خارجاً، حيث أنشأ عيادته الخاصّة بموازاة عمله في المستشفى.
محطّات كثيرة طبعت مسيرته المهنية، طبع بعض الأطباء بصماتهم الخاصّة في تكوين شخصيته الطبية بكلّ تحدّياتها، 5 أطباء من لبنانيين وفرنسيين (الدكتور غسان الأشقر- البروفيسور روجيه جاويش- البروفيسور فرناند داغر- الدكتور اسطفان وولف – والبروفيسور جان مارك فيتال)، كانوا وراء بداياته وإنجازاته، لقد ساعدوه على المضي قدماً في هذه المهنة، رغم كلّ الصعوبات والتحدّيات، وهو اليوم يتمتّع بثقة الأطباء كما الناس، لأنّه نجح في أن يكون من بين أفضل الأطباء في جراحة العامود الفقريّ.
يتحدّث بتواضع كبير، يعرف ماذا يريد، هذه المهنة التي اختارها، قرّر أن يكرّس حياته فيها وينقذ حياة مرضاه. برأيه “ما عملتُ عليه جاهداً أصبح ملموساً وحقيقياً، هناك تقنيات باسمي ومعايير وضعتها لتحديد مسار بعض الجراحات، وهذا في حدّ ذاته فخر كبير بالنسبة إليّ. وتميّزت في جراحة العامود الفقريّ وتحديداً انحراف العامود الفقريّ أو ما يُعرف بالـ Scoliose، هذه الجراحات المعقّدة تصبح مع الوقت والممارسة عملاً جراحيّاً سهلاً”
وعن أصعب الجراحات التي أجراها، يشير عبيد إلى “الجراحات التي تتطلّب تقويم الرأس نتيجة انحناء قويّ، وعملية أخرى تتعلّق بالمنطقة السفلى من الظهر، حيث تكون هناك فقرة متباعدة عن الأخرى. ونجحت في إطلاق تقنيّتين خاصّتين لم تكونا موجودتَين سابقاً لمعالجة هذه الحالات.
ويعترف “لستُ من محبّي المناصب والمراكز، وربما هذا ما يميّزني، أكتفي بعمل الذي يتحدّث عني، وممتنّ لكلّ الفرص التي أتيحت لي، والتي جعلتني ما عليه اليوم”.
تفاصيل هذا التصنيف
رغم ضغوط نقابة الأطباء الفرنسية، سعى 3 صحافيين بمساعدة عالم كمبيوتر إلى إجراء تحقيق ومسح طوال 18 شهراً، بعد مراجعة أكثر من 30 ألف بحث علميّ، لتصنيف الأطباء الذين بلغ عددهم 1000 طبيب من 14 اختصاصاً طبيّاً وجراحيّاً. لم تكن المهمة سهلة، خصوصاً أنّ المجتمع الفرنسي لم يعتد على تصنيف الأطباء كما هي الحالة اليوم، وإنّما اقتصر الموضوع في السنوات الماضية على تصنيف المستشفيات والمراكز الصحّية.
رفضت الدولة تزويد المجلة بالبيانات والمعلومات حول عدد الجراحات التي أجرتها كلّ مستشفى، فقرّرت المجلة عوض ذلك إجراء تصنيف للأطباء، من دون موافقة نقابة الأطباء.
وفق وجهة نظر مجلة “Le Point” أنّه يجب الترويج لجودة الطبّ، وأن يكون في متناول الجميع. بعد تشخيص حالة المرضى نلاحظ أكثر حاجتهم الدائمة للبحث عن مشورة طبيّة أخرى، والأهمّ سعيهم للبحث عن أفضل الاختصاصيّين.
ولكن على ماذا اعتمد هذا التصنيف؟ المعيار الأساسيّ لاختيار الأطباء في هذا التصنيف الطبّي يتمثل بعدد الأبحاث والمراجعات البحثية والعلمية التي أجراها الأطبّاء، والتي جعلت منهم اختصاصيين في مجالهم الطبّي المحليّ والعالميّ.
إذا، ارتكز التصنيف على ما قدّمه الأطباء من الناحية العلمية والبحثية في مجال اختصاصاتهم، وليس على ما قاموا به من جراحات طبية. خلال التحقيق تبيّن أنّ حوالى 94 في المئة من الاختصاصيين يعملون في مستشفيات مصنّفة كأفضل مستشفيات وفق آخر تصنيف للمستشفيات أجرته Le Point نُشر في تشرين الثاني من العام 2021.
وعليه، وبهدف إجراء هذا التصنيف، قارن الصحافيون بين البيانات التي نشرتها الوكالة الرقمية الصحية والتي تضمّ حوالى 321000 طبيب مسجل في النقابة، وبين بيانات PubMed التي تجمع حوالى 35 مليون دراسة طبية – حيوية في العالم من العام 2016 حتّى 2020.
قد تبعث مثل هذه الأخبار عن لبنانيين نجحوا في الخارج الأمل بأنّ كلّ مستحيل ممكن، وأنّنا شعب يحبّ الحياة والحلم والمثابرة. نحتاج إلى الإيجابية لتخطّي هذه السوداويّة التي يعيشها لبنان منذ 3 سنوات، نتيجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، نحتاج إلى سماع بعض الأمور الجيدة حتى لا نفقد الحلم.
اترك ردك