أوقِفوا انتشار السرطان في أجواء صيدا!


كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”

إستياء كبير وغضب عارم لا يخلو من التساؤلات يؤرق صيدا وقواها السياسية والأهلية والمدينة وأبناؤها بمختلف فئاتهم وشرائحهم، بعدما تحولت النفايات أزمة حياتية يومية. يتساءلون بمرارة كيف تحوّلت صيدا من مدينة يذكّر اسمها برائحة زهر الليمون والأكي دنيا والحلويات الشهيةّ، عنواناً للمكبّات ورائحة النفايات؟ لماذا سكتنا؟ وإن تكلّمنا، قلنا همساً أو اشتكينا وبكينا وخلصت؟

أزمة النفايات في صيدا تتوزع على شقين، الأول: رفع النفايات ونقلها، وقد انتهى عقد الشركة المتعهّدة أمس بعدما أكملت عملها بأقلّ قدرة ممكنة بسبب عدم تقاضيها من الدولة مستحقّاتها المالية المتراكمة، على أن تتولى البلدية المهمّة موقتاً ريثما يتمّ تنفيذ العقد الجديد وتصديقه في الهيئات الإدارية والرقابية والمالية كي يصبح نافذاً.

أمّا الشقّ الثاني فيتعلق بمعمل معالجة النفايات الحديث في منطقة سينيق، وهو يشكّل اليوم المشكلة الأساس بعدما تراكمت العوادم وتحوّلت جبلاً، وجاء الحريق الأخير الذي استمر أياماً وخنق المدينة بالدخان الأبيض والروائح الكريهة ليعيد تسليط الأضواء على واقعه الحقيقي، وهل ما زال يعمل فعلاً أم توقف ضمنياً؟

النائب الدكتور عبد الرحمن البزري الذي عبر عن غضب الصيداويين، قال: «لا يمكن الإستمرار بالتغاضي عن التجاوزات البيئية في المدينة وعن مشكلة النفايات فيها، خصوصاً أنّ الأحداث الأخيرة التي اختبرها المواطنون هدّدت سلامتهم وصحّتهم وبيئتهم»، وطالب وزير البيئة الدكتور ناصر ياسين بإظهار نتائج الكشف على مركز معالجة النفايات في سينيق وأسباب الحرائق المتكرّرة، وما إذا كان المركز يلتزم الشروط البيئية وشروط العقد بينه وبين إتحاد بلديات صيدا الزهراني.

وعلى خط الاعتراض، رفعت مجموعة مهندسين من صيدا والجوار لافتات في مختلف شوارع المدينة وقرب البلدية وعند مدخل السوق التجاري، تتساءل عن الانجاز في ازالة مكبّ النفايات السابق وإنشاء معمل للمعالجة وكتب على بعض منها: «الحلم صار حقيقة، والجبل صار حريقة»، «صيدا جواً وبراً وبحراً محتلة من معمل الموت…. حرّروها»، «أوقفوا انتشار السرطان في أجواء المدينة وجوارها» و»هيدا معمل؟ أو مكبّ؟ أو محرقة»؟ وقد سارعت البلدية الى إزالتها.

وعلق الأمين العام لـ»التنظيم الشعبي الناصري» النائب الدكتور اسامة سعد بالقول: «أمر مستهجن ومرفوض أن تزيل بلدية صيدا لافتات تحتجّ على الأوضاع البيئية المتردّية في المدينة وجوارها، تدعو اللافتات إلى تدخّل البلدية لوضع حدّ لجرائم معمل النفايات البيئية والصحيّة والمالية. أمر مقلق وخطير منع اللافتة وإهمال كل القضية».

بينما قالت المجموعة في بيان إنّ «ازالة اللافتات أسلوب قمعي يندرج في خانة كمّ الأفواه وتقييد الحريات من قبل السلطة المحلية التي لم تحرّك ساكناً إزاء احتلال الأرصفة والملك العام، واستباحة فضاء المدينة من قبل أصحاب المولدات (بل واتّخاذهم شركاء لها لتحصيل دولار عن كلّ منزل)، وسكتت عن بائعي السمك الفاسد، وغيرها من التجاوزات في المدينة. أمّا أن يصل بها الأمر إلى السكوت عن الإضرار بصحّة الناس وبيئة المدينة، فتلك جريمة موصوفة لن نسكت عنها».

ونظّمت المجموعة وقفة احتجاج امام بلدية صيدا تحت شعار «بعدنا ما متنا، وبعدنا منحسّ، وبدنا نطالب برفع الضرر عن صحّتنا وصحة ولادنا»، وقالت ممثّلتها المهندسة سهاد عفارة لـ»نداء الوطن»: «إن الوقفة رسالة لاحترام حقوق المواطنين بالمطالبة بأدنى حقوقهم، وهو العيش في بيئة نظيفة»، مطالبة البلدية بـ»التحرّك الجدّي لوضع حدّ لمشكلة النفايات بطريقة فعّالة ومستدامة، والتعاون مع المواطنين والمجتمع المدني والمؤسسات القادرة على إيجاد حلّ لهذه الكارثة البيئية التي لم تشهدها المدينة من قبل، حتى في أحلك أيام الحرب».