عزّة فهمي: الشغف سرّ نجاحي وأتمنى أن ينتقل إرثي من جيل إلى آخر

عزّة فهمي فنانة مبدعة ومصمّمة مجوهرات مميزة ورائدة أعمال ملهمة للكثيرين. استطاعت الحفاظ على التراث العربي من خلال مجوهرات مستقاة من جمالياته وأبرز ملامحه، ونجحت في جذب الجمهور العالمي إلى ابتكاراتها الفريدة التي تروي الكثير عن حضارتنا وإرثنا. بدأت رحلة عزّة فهمي في تصميم المجوهرات قبل عقود، حيث أمضت سنوات طويلة متنقلةً بين ورش خان الخليلي، ومتتلمذةً على أمهر الحِرفيين في قلب القاهرة الفاطمية. ومن روح ذلك الحي الذي يعجّ بالآثار الإسلامية، استوحت فكرة مزج الكتابة والثقافة والتاريخ بالحُليّ.

– يقال إن المجوهرات تعكس شخصية المرأة التي تضعها. هل هذه المقولة صحيحة برأيك؟

طبعاً. فكل ما تختاره المرأة لإطلالتها يمثل جزءاً من شخصيتها، سواء كانت الملابس أو المجوهرات أو الإكسسوارات. إنها طرق للتعبير عن الذات. تصاميم مجوهراتنا تناسب شخصيات مختلفة. فثمة قطع مجوهرات عليها كلمات معبّرة، فيما تصاميم أخرى صالحة للارتداء في كل الأوقات والمناسبات، وهي بالتالي مناسبة للمرأة التي لا تملك الوقت الكافي لتبديل مجوهراتها كل يوم أو في كل مناسبة. كل امرأة تختار القطعة التي تليق بشخصيتها. ويمكن فهم شخصية المرأة بمجرّد النظر إلى المجوهرات التي ترتديها.

– ماذا عن مجموعة “الكرادين” الأخيرة؟ من أين استوحيتها ولماذا اخترت هذا الاسم لها؟

مجموعة “الكرادين” مستوحاة من المرأة الفلاّحة لأنها امرأة قویة. هي أمّ وزوجة وتترتّب عليها مسؤوليات كبيرة تؤدّيها بحبّ وتفانٍ ومثالية. أنا أقدّر تلك المرأة كثيراً، ولذلك استوحيت منها مجموعة “كرادين” وحرصتُ على إضافة لمسة من الطراز الفيكتوري إلى التصاميم. “الكردان” جزء من مجوهرات الفلاّحات المتعارف عليها والمعروفة بالسلاسل المتدرّجة والهلال.

– ما الذي يُلهمك عادةً؟

كل ما يؤثّر فيّ قد يكون مصدر إلهامٍ لي. يمكن صوراً من حقبة تاريخية معينة أو رحلة إلى وجهة معيّنة أن تترك أثراً في نفسي وتلهمني بابتكار تصاميم معينة. عندما أتعرّف على ثقافات جديدة، أرغب في التعرف على مأكولاتهم التقليدية وملابسهم التراثية والموسيقى التي تميّزهم عن غيرهم. يساعدني كل ذلك على الغوص أكثر فأكثر في الثقافات التي تلهمني بطريقة أو بأخرى.

– ما العناصر التي تستخدمينها في تصاميمك؟

استطعنا خلال الخمسين عاماً الماضية أن نثبّت DNA مجوهرات عزّة فهمي، ومن ضمنها استخدام الرموز الفرعونية، والورود، والخط العربي. كما أننا نعتمد الصناعة اليدوية ونستخدم التقنيات التي ورثناها من أسلافنا، وهذا ما يميّزنا عن غيرنا.

– كيف تصفين أسلوبك، وما الذي يميّزك عن غيرك؟

أعشق التاريخ والأبحاث، وأعتقد أن هذا الأمر يظهر جلياً في تصاميمي. ما زلتُ حتى اليوم أذكر كيف كنا نقرأ الكتب مع أبي خلال طفولتي، ثم نناقش محتواها. لا يزال حبّ القراءة والتعلّم يرافقني الى اليوم. أحبّ في كل عام السفر إلى بلد جديد، والتعرف على ثقافاته، وزيارة المتاحف والآثار فيه. فهذا كله يساعدني على أن أكون فنانة وأصمّم قطعاً قوية ومدروسة.

– هل تبدّل مفهوم الفخامة في الآونة الأخيرة؟

مع زيادة الوعي، أصبح مفهوم الفخامة يشمل طریقة الصناعة ومراعاة البیئة والمجتمع، إضافة طبعاً إلى الثقافة. وفخامة أي تصميم تنبع من قصّته ومعناه وأن يكون معبّراً عن مجتمع أو تاريخ معين، وليس مجرد تصميم جميل.

– هل يتعارض برأيك مفهوم الاستدامة مع الفخامة؟

الفخامة مستدامة عبر الأزمنة، ونحرص في علامتنا التجارية على الالتزام بمفهوم الاستدامة. فنحن لا نصمّم مجوهرات لمجرد التماشي مع الموضة. لا شك في أننا نأخذ صيحات الموضة في الاعتبار، لكن الأولوية تتركز على جعل قطعة المجوهرات مشغولة بحِرفية عالية مع قصّة أو تاريخ لها.

– ما هو الإرث الذي تأملين بأن تتركيه؟

أتمنى طبعاً أن تنجح مدرستي ومؤسّستي وتستمر في التألق والازدهار. نحن نؤسّس جيلاً جديداً ليتابع مسيرة الإبداع ويتقن حِرفة صناعة المجوهرات. ويُفترض بهذا الجيل أن يدرّب لاحقاً جيلاً آخر، وقد يحدث ذلك في دولة أخرى مثلاً. هناك الكثير من الطلاب الذين تلقّوا دروساً عندنا، ثم فتحوا ورشاً لتعليم الصناعة اليدوية في سوريا وأفريقيا. وبدأ بعضهم بصناعة المجوهرات، وأسّسوا شركاتهم الخاصة. هذا هو الإرث الذي أتمنى أن ينتقل من جيل إلى جيل. لقد كتبتُ سيرتي الذاتية “أحلام لا تنتهي” حيث أروي حكايتي وأتحدث عن المواقف الصعبة التي واجهتها وتخطيتها إلى أن وصلتُ إلى ما أنا عليه اليوم. لا بدّ من مواجهة الصعوبات والعقبات لبلوغ النجاح، بالترافق طبعاً مع العمل الجيد والجاد والمتقن.

– أي شخصية ترغبين في أن ترتدي من تصاميمك؟

تغمرني السعادة عندما أرى تصاميمي في متناول أشخاص مختلفين. فهذا يعني أن القصّة التي أرويها من خلال تصاميمي قد وصلت إليهم. كنت ذات مرة في نيويورك، فأوقفتني سيدة ونظرت إلى مجوهراتي وقالت لي: “تضعين مجوهرات عزة فهمي!”. ضحكتُ وقلتُ لها: “أنا عزة فهمي”. أشعر بالفرح عندما أصادف سيدة بعيدة عن مصر لكنها تعرف تصاميمي. أتأثر كثيراً في مثل هذه المواقف.

– قطعة مجوهرات لا تستغنين عنها أبداً.

أحبّ قطع المجوهرات التي كُتبت عليها كلمات للرائع جبران خليل جبران. وأحرص بين الحين والآخر على التزيّن بقطعة مجوهرات مختلفة من هذه القطع. أيضاً هناك قلادة لا تفارقني أبداً وقد تلقّيتها هدية من ابنتَيّ فاطمة وأمينة، ومكتوب عليها كلمة “مامتي”، وهي الكلمة التي تنادياني بها والأحب إلى قلبي.

– ما هو شعارك في الحياة؟

الشغف أساسي في العمل ليكون ناجحاً. فلكي ينجح الشخص في أي مهنة ويتقنها ويستمرّ فيها لوقت طويل، لا بدّ من أن يحبّها ويعطيها من قلبه. ولا شك في أن التجارب التي يعيشها الإنسان تساعده على تمييز الأمور التي يحبّها، وعليه عندئذ استثمار وقته وطاقته لتنمية قدراته ومواهبه في تلك الأمور.

– ما هي مشاريعك المستقبلية؟

أنا متحمسة جداً للمجموعات الجديدة التي نحضّر لها، ولتوسّعنا في أسواق جديدة.