“لها” وصلت عدستها الى استديو المصمّمة السعودية أميمة عزوز لترصد التراث السعودي المسكوب على القماش يعزف ألحان الحلم الذي تحوّل إلى حقيقة لينثر عطر الفرح على تصاميم تلألأت على صدر النساء السعوديات، من خلال رؤية حكيمة صاغها رجل حكيم.
– حلمت وحققت… انتظرت أميمة نور الصباح طويلاً لترسم تلك الفرحة؟ ما أهمية التصميم المرصود هذا العام لليوم الوطني؟
يفجّر شعار اليوم الوطني 93 “نحلم ونحقق” الطاقات الإبداعية لدى المرأة السعودية بشكل عام، وبنات الوطن المبدعات والطامحات على وجه الخصوص، فلطالما حلمنا بأن نصبح كياناً فعالاً ومؤثّراً في هذا الوطن،وقد تحقق حلمنا بفضل شجاعة قيادتنا الرشيدة وقدرتها على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.وتشكّل تصميمات اليوم الوطني أهمية خاصة لي،حيث تجسّد شغفي بالتراث، لأنني من أوائل الذين دعوا إلى استلهام تراث المملكة العظيم وكل مناطقها الثرية في أزيائنا، وحاولت أن أعكسه في تصميماتي، وما جسّدته بالفعل في المجموعة الجديدة من أزيائي التي تواكب اليوم الوطني السعودي.
– كل ثوب من أثواب اليوم الوطني تجلّى بغطاء مزخرف، ما المعقود بين ثناياه؟
الفخر والعزّة والكرامة… هي معانٍ تتجلّى في كل تصميم وزيّ في اليوم الوطني، وهناك معانٍ وأحلام عريضة معقودة بين ثنايا هذا الثوب الذي يتجاوز الأناقة والجمال، ويحمل دلالات كثيرة لدى أبناء الوطن.أحرص في تصاميمي على أن تكون “الطرحة” تاجاً على رأس كل فتاة وامرأة سعودية، تعكس الإرث العريق على مدار الزمان، فكل امرأة يكتمل جمالها وتشعّ أنوثتها وتصبح عروساً بالطرحة، تنشر الفرح والجمال والحب. قد تكون الطرحة شفّافة وخفيفة لتبرز جمال الإكسسوارات والأحجار الكريمة والرموز الوطنية التي تتدلّى تحتها، أو تُصنع من الأقمشة البدوية وتحمل زخارف ونقوشاً إسلامية، لتبقى لوحة فنية تراثية في تصميمات اليوم الوطني.
– تنسيق الألوان عالم خاص بك يتداخل فيه البارد والحار، إلامَ تميل المرأة الخليجية بعامة والسعودية بخاصة؟
في العادة، تميل المرأة الخليجية الى الألوان الحارّة الجذّابة التي تزيد من تميّزها وبريقها، فهي تمزج بين الأسود والأحمر، الأسود والأخضر، لأنها ألوان الصحراء والطبيعة البدوية التي كانت تعيشها المرأة قديماً، وأشكال الخيمة التي كانت تبرز دلالها وجمالها، وهي حريصة على استخدام الألوان المتجانسة التي تعكس شخصيتها القوية.كما أركز في تنسيق الألوان على كل ما يميز المرأة السعودية ويحاكي شغفها وعشقها، لإدراكي أنها لا تميل كثيراً الى الألوان الثلجية الباردة التي تناسب أكثر الأوربيين والغربيين، لذلك أعتمد على الألوان الحارّة القوية التي أثّرت في طبيعة المرأة، وأعطتها القوة وزادت ثقتها بنفسها.
– لتطوير الأزياء عبق مميز، كيف تسعين لتحقيق هذا التطوّر في عالم الموضة؟
منذ بدء عملي في تصميم الأزياء وتحويل الهواية إلى احتراف في عالم الأزياء، حرصت على الاهتمام بأدق التفاصيل، فأسّست مشروعي الخاص في سوق العمل، وأطلقت شركة “الابتكار الحالم” (فيور) وتخصّصت في تصميم الأزياء وتنفيذها وتسويقها، وأنشأت مصنعاً نوعياً متخصّصاً، وخطوط إنتاج وتسويق احترافي في عروس البحر الأحمر جدّة، وعملت وفق أعلى المعايير والمقاييس الدولية، من أجل تقديم تصميمات نوعية وخدمات مميزة في الأزياء والديكور وشتى الاتجاهات الفنية المعاصرة.
– ماذا عن العمل الجماعي مع سيدات الأعمال؟
قادني حب العمل الجماعي إلى المشاركة مع مجموعة من المصمّمات السعوديات في تقديم رؤية وطنية للأزياء، وانتُخبت رئيسة لأول لجنة لتصميم الأزياء في غرفة جدّة، وهي لجنة فريدة في السعودية والخليج، عشت معها تجربة ثرية تحت مظلة أعرق بيوت أصحاب الأعمال، ونجحت خلال فترة وجيزة في جعل اللجنة مؤثرة على المستويين العام والخاص، حيث استطعنا أن نجذب الأنظار نحو صناعة الأزياء، التي باتت لأول مرة تُناقش في مجلس الوزراء وتحظىباهتمام الدولة.
– كأنني أرى تصاميم أميمة تستعيض عن القماش بأكاليل من الزنبق السعودي… هلتشدّك الطبيعة إليها؟
هي أكاليل من الحب والتفاني لرؤية المرأة السعودية بأجمل صورة، تمثّل وطنها في كل المناسبات بينما تشعر بالثقة والكبرياء والفخر، وترتدي أزياء أنيقة تعزّز ثقتها في نفسها. لهذا كان من الطبيعي أن تعتمد أزيائي على الطبيعة التي نشأنا جميعاً على جمالها، طبيعتنا البدوية والصحراوية المحافظة، والساحلية بالنسبة الى سكان جدّة الذين يعشقون البحر وزُرقة مياهه الصافية.
– اللون الأسود مع الذهبي سيطر على تصاميم اليوم الوطني، هلاقتضت الحكمة ذلك؟
نعم، لأن الأخضر هو اللون الرسمي في المملكة، ويرمز الى العلم، ويعكس ارتباطنا بالطبيعة، لكن ظهور اللون الأسود مع الذهبي خلال هذا العام هو نوع من الابتكار الذي يتماشى أيضاً مع طبيعتنا، فالأسود لون ملكي يجسد الفخامة والوقار، ويشكل مع الذهبي لون “البشت السعودي”، وجاء اختياره في تصميمات العام الجاري للتشديد على الصدارة والفخامة السعودية، بعدما باتت المملكةتتصدّر المشهد سياسياً واقتصادياً واجتماعياً في المحافل الدولية، ونقلتنا رؤية المملكة 2030 إلى مكان الصدارة.
– المصمّمة أميمة لم تكتفِ بالتصميم للنساء بل صمّمت للرجال وخصوصاً الفنانين، ما السرّ؟
تشرّفتبتصميم أزياء لأهم وأشهر نجوم الطرب في السعودية، عندما تم اختياري للمشاركة في المهرجان الوطني السعودي الشهير للتراث والثقافة “الجنادرية” كأول سعودية تتولى تصميم الأزياء للنجوم المشاركين في حفل الافتتاح. ويشكّل هذا الأمر علامة فارقة في مشواري، حيث توليتُ تصميم أزياء النجوم محمد عبده وعبد المجيد عبد الله وراشد الماجد وماجد المهندس، وساهمتْ هذه المشاركة، بجانب العروض العديدة والتشكيلات المختلفة التي قدّمتها داخل المملكة وخارجها في تقديم اسم أميمة عزوز كمصمّمة أزياء الى المحافل الدولية.
– النجمة أروى لبست من تصاميمك وظهرت بـ”لوك” جديد وجميل، من أين استوحيت التصاميم؟
سعدتُبالتعامل مع الفنانة أروى والكثير من النجوم العرب، سواء في السعودية أو مصر أو دبي أو غيرها من الدول العربية، ولاشك في أن كل فنان يضفي الجمال على التصميم من خلال شخصيته وطلّته وحرصه على الظهور في صورة ترضي الجمهور. وبالنسبة الى الفنانة أروى فقد استوحيت التصميم لها من الطبيعة، سواء كانت تلك التي نعيشها ببهجتها وقوّتها جاذبيتها، أو طبيعة الفنانة الهادئة الجميلة.
– كونك رئيسة لجنة الأزياء في غرفة جدّة التجارية، أي أسلوب تتبعين في التدريب؟
منذ أن تولّيت رئاسة لجنة تصميم الأزياء في غرفة جدّة وقبلها، كانت قضيتي الأساسية هي خدمة وطني الحبيب، وحرصت من البداية على تحويل الكثير من الأفكار الملهمة إلى واقع ملموس، لأنني أدرك أن المبدع لا قيمة له إذا لم يكن ذا فائدة لمجتمعه ووطنه.
– قدّمتِ مبادرة تخلق جيلاً من المبدعين، ماذا عنها؟
في السنوات الماضية، قدّمت 4 مشاريع وطنية كبيرة لقيادة التحوّل في صناعة الأزياء بالسعودية، تمثلت في أكاديمية دولية للأزياء تضع أُسساًصحيحة للمهنة وتخلق جيلاً من المبدعين، ومصنع وطني يضم كل الكفاءات ويحوّل المجتمع من مستهلك للأزياء إلى منتج لها، وسوق دائم لمصمّمات الأزياء في جدّة، ومبادرة لإطلاق 100 معمل وطني لصناعة الأزياء، بحيث تتكتل كل 4 أو 5 مبادرات في معمل صغير لإنتاج أحد خطوط الأزياء المتخصّصة، وسعيدة بأنها تحققت جميعاً، وها نحن الآن نرى هيئة محترفة لصناعة الأزياء تعمل تحت غطاء وزارة الثقافة، كما أن هناك الكثير من المبادرات التي تحوّلت إلى واقع ملموس.
– الألوان كحديقة غنّاء ترفل فيها الطيور منقوشةً بالزهور، إلى أي حد تعشق أميمة الورد وألوانه؟ من أين لك هذا السحر والإبداع؟
الألوان ليست مجرد حديقة غنّاء ترفل فيها الطيور منقوشةً بالزهور، لكنها لغة تجسّد لنا الجمال، وتنقل معانيه الأنيقة، وبدون الألوان لا قيمة للحياة ولا فرق بين الليل والنهار عندما تختفي، الألوان تصف روعة الحياة وتعبّر عن دلالات الطبيعة، ولها دور كبير في التأثير النفسي، وهي جزء أساس لا غني عنه في حياتنا، بل هي مفاتيح السعادة والبهجة والفرحة في أحيان كثيرة.
– ما زلنا في أجواء الاحتفالات باليوم الوطني 93، ماذا تقول أميمة للنساء السعوديات في هذه المناسبة؟
أقول لكل فتاة سعودية في اليوم الوطني 93، أنت في خير كبير يحسدك الكثيرون عليه لأنك تنتمين إلى هذا الوطن. نعم أصبحنا نرفع رؤوسنا بشموخ في كل الفعاليات والمناسبات ونقول بكل فخر “نحن سعوديون” بعد النهضة الشاملة التي شهدتها المملكة في كل القطاعات، وأصبحت وجهة للباحثين عن الإبداع والابتكار والسعادة في كل أنحاء العالم، بفضل القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز (حفظه الله)، وعزيمة وإرادة عرّاب رؤية الوطن وقائد نهضتنا الحديثة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء (حفظه الله).
وإلى كل امرأة سعودية أقول: “استثمري في هذه الفترة الزاهرة من حياتنا، اعملي بجد وإخلاص وثابري لتحقيق أحلامك، وساهمي بفاعلية في بناء الوطن، وزيادة أمجاده، وأثبتي للجميع أنك جديرة بكل المبادرات التي قدّمتها الدولة لتمكينك وتعزيز مكانتك”.
اترك ردك