هل أنت مصاب بالتصلّب العصبي المتعدد؟ إليك سبل التكيف مع المرض وعيش حياة طبيعية

يعتبر التصلب العصبي المتعدد أحد أمراض المناعة الذاتية التي يتسبب بها الجهاز المناعي لجسم الإنسان عندما يهاجم بشكل خاطئ الغلاف الواقي للخلايا العصبية في الدماغ والحبل الشوكي. نتيجة ذلك، يشعر المريض بأعراض عدة تشتمل على الإرهاق وضعف العضلات وصعوبات البصر ومشاكل في تنسيق الحركة والتوازن. وتشير الإحصائيات إلى أنه هنالك 2.3 مليون مريض بالتصلب العصبي المتعدد حول العالم.

في هذا السياق، يقول الدكتور آنو جاكوب طبيب استشاري في معهد الأعصاب ومدير التصلب العصبي المتعدد وأمراض المناعة الذاتية العصبية في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي.: “يعتبر التصلب العصبي المتعدد مرضاً يرافق المريض لفترة طويلة، إلا أنه ليس بمرض يهدد حياة المصاب، لا سيما بوجود العديد من الخيارات العلاجية التي تعزز القدرة على إدارة الأعراض وإبطاء تقدّم المرض. وتعمل هذه الأدوية على الحد من الالتهابات وضبط شدة المرض وحماية غمد المايلين من التعرض للتلف. لذلك من المهم معرفة أن هناك العديد من الطرق الفعالة لإدارة التصلب العصبي المتعدد، والقادرة على تحسين جودة حياة معظم المرضى لعيش حياة طبيعية قدر الإمكان”.

وعند تعرّض المرضى لانتكاسات حتى بعد تناولهم تلك الأدوية، فإن في الإمكان إدارتها بكفاءة بأدوية معينة مثل الستيرويدات القشرية وتبادل البلازما. وتعمل هذه الخيارات الدوائية على الحد من الالتهابات وتخفيف المرض وتقليل مدة الانتكاسات.

وتعدّ إعادة التأهيل البدني من الجوانب المهمة لإدارة التصلب العصبي المتعدد، إذ يمكنها المساعدة في تحسين القدرة على الحركة وتعزيز القوة والتنسيق بين الأطراف. ويتضمن العلاج الطبيعي تمارين معينة لتحسين التوازن والوقاية من تصلب العضلات، والعلاج الوظيفي لدعم القدرة على ممارسة النشاطات اليومية وعيش حياة طبيعية.

ويضيف الدكتور جاكوب: “بينما نضع إدارة الأعراض البدنية للمرضى كأولوية قصوى، يركز برنامجنا للتصلب العصبي المتعدد على الرعاية متعددة التخصصات التي تمنح الصحة النفسية والعاطفية أقصى درجات الاهتمام. فالمشورة الصحية النفسية عنصر أساسي لإدارة التصلب العصبي المتعدد، لا سيما أن من المحتمل لهذا المرض أن يؤثر في الرفاه العاطفي للمرضى. وفي الحقيقة، يشكل تشخيص الإصابة بمرض التصلب العصبي المتعدد خبراً مخيفاً بالنسبة الى المرضى، لذلك نرى الكثير منهم يتعرضون للقلق والتوتر والاكتئاب والمشكلات النفسية الأخرى. وبالتالي، فإن المشورة النفسية أمر في غاية الأهمية لتخطّي التحديات العاطفية المرتبطة بهذا المرض ووضع استراتيجيات فعالة لإدارة التوتر والتحلّي بالأمل والإيجابية”.

لا يؤثر مرض التصلب العصبي المتعدد في المرضى بشكل واحد، إذ تختلف الأعراض بين مريض وآخر، حيث قد يختبر بعضهم أعراضاً خفيفة، في حين تصل الأعراض بمرضى آخرين الى مراحل شديدة وتؤثر في جودة حياتهم. كما لا يمكن التنبؤ بمسار المرض وفترات غياب الأعراض واشتدادها. لذلك، ومع دراية المرضى بطبيعة المرض هذه، يمكنهم المتابعة مع طبيبهم لتأسيس أسلوب حياة شخصي يساعدهم في إدارة صحتهم بشكل جيد.

وهنا بعض التغييرات الإيجابية في أنماط الحياة لمرضى التصلب العصبي المتعدد، والتي يمكن أن تؤثر في تقدّم مرضهم وجودة حياتهم.

• نظام غذائي صحي: على الرغم من عدم وجود نظام غذائي محدّد لمرضى التصلب العصبي المتعدد، ينصح خبراء التغذية باتباع نمط غذائي متوازن وصحي غني بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والدهون الصحية والبروتينات قليلة الدهون. ويجب عليهم أيضاً الحد من الأطعمة المعالَجة والسكريات المضافة وتجنّب الدهون السيئة، لما للبدانة من أثر سلبي في مرضى التصلب المتعدد.

• ممارسة النشاط البدني بانتظام: قد يسبّب التصلب المتعدد اضطرابات في التوازن والقدرة على المشي ومشاكل في العضلات. لذا فإن إدخال التمارين الرياضية وتمارين القوة والمرونة في روتين الحياة اليومي مفيد للمرضى.

• إدارة التوتر: يساهم التوتر في تفاقم الحالة الصحية لمرضى التصلب المتعدد. لذلك يجب على المصابين بهذا المرض ممارسة تمارين مثل اليوغا والتأمل أو استشارة أخصائي الصحة النفسية لإدارة التوتر.

• الإقلاع عن التدخين: يؤدي التدخين الى تدهور حالة مرضى التصلب المتعدد وزيادة الأعراض وتسريع تقدّم المرض. لذلك فإن الإقلاع عنه من أوائل السبل الفعالة لإدارة المرض بفاعلية.

• أنماط النوم الصحية تساعد في إدارة الإرهاق: تشتمل دورة النوم الجيدة على عادات النوم المنتظمة، وبيئة النوم الهادئة، وتجنّب الأنشطة المحفّزة قبل النوم، والحد من تناول القهوة والسجائر. كما أن ممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي صحي يعززان النوم الصحي المستمر.

إن التعامل مع مرض التصلب العصبي المتعدد ليس بالأمر اليسير، إلا أن الحصول على الدعم المناسب يمكّن المرضى من عيش حياة طبيعية وآمنة.