هل تستعد الصين لمهاجمة اليابان؟

ربما تستعد الصين لشن هجوم مفاجئ على اليابان. وستتضمن هذه العملية إطلاق صواريخ ضخمة على كافة المنشآت العسكرية الأميركية واليابانية الكبرى في الأرخبيل.

إن منطق هذه الحملة واضح ومباشر. فمن أجل تعظيم فعالية عملية برمائية معقدة لغزو تايوان، سوف يحتاج جيش التحرير الشعبي الصيني إلى ترسيخ التفوق الجوي والبحري حول الجزيرة. وتستضيف اليابان أغلب القوات البحرية والبحرية المتحالفة. ولكن هل يخاطر الزعيم الصيني شي جين بينج بحرب عالمية ثالثة لتحسين فرص نجاح خططه العملياتية؟

لا شك أن جيش التحرير الشعبي الصيني قادر على توجيه ضربة أولى مدمرة لليابان. فقد طور الجيش قوة ضاربة عالية الدقة، مقترنة بقدرات استخباراتية واستطلاعية ومراقبة واستهدافية شاملة. كما يمتلك الجيش أكبر ترسانة من الصواريخ في العالم. ووفقاً للمحللين توماس شوجارت وتوشي يوشيهارا، فإذا نجحت بكين في تحقيق المفاجأة في عمليات الضربة الاستباقية، فإنها قد تتمكن من تدمير أغلب الأصول العسكرية الأميركية في الأرخبيل الياباني، في حين تدمر السفن الأميركية الهاربة وتعطل الموانئ الأميركية واليابانية الحيوية.

إن عقيدة جيش التحرير الشعبي تؤكد على شن هجوم استباقي معطل لإفساح الطريق أمام غزو واسع النطاق لتايوان. وفي مثل هذا السيناريو، سوف ينقل جيش التحرير الشعبي مئات الآلاف من قوات الغزو عبر المضيق باستخدام السفن الحربية والسفن المدنية ذات الاستخدام المزدوج. ومن شأن توجيه الصين لضربة استباقية ضد القوات الجوية والبحرية الأميركية وحلفائها أن يوفر للصين التفوق الجوي والبحري الذي تتطلبه مثل هذه العملية البرمائية الضخمة والمعقدة. والواقع أن أي عملية برمائية حديثة لم تنجح تاريخياً في غياب تحييد الغازي للبحرية والقوات الجوية لخصمه.

ولكن هنا تكمن المشكلة: فالمخاطر الاستراتيجية والجيوسياسية التي قد يتعرض لها شي جين بينج من جراء مهاجمة أكبر اقتصادين في العالم ورابع أكبر اقتصادين في العالم سوف تكون هائلة. فلم تتعرض الولايات المتحدة ولا حلفاؤها لهجوم بهذه الطريقة منذ الحرب العالمية الثانية. وحتى الرئيس الروسي فلاديمير بوتن حد من عملياته العدوانية للغاية ضد أوكرانيا لتجنب مهاجمة الولايات المتحدة أو حلفائها. وقد تقبل بوتن المزيد من المخاطر العملياتية والخسائر العسكرية لتجنب كارثة استراتيجية.

لا شك أن القوات الأميركية وقوات حلفائها معرضة بشدة لمثل هذا الهجوم من جانب جيش التحرير الشعبي. ولم تبدأ واشنطن في الرد إلا الآن على تراكم القوة العسكرية الفتاكة التي اكتسبتها الصين على مدى عقود من الزمان. والواقع أن أصولها العسكرية المتقدمة تشكل أهدافاً سهلة، ونظراً للتآكل الخطير الذي أصاب القوة العسكرية الأميركية، فإن قدرتها على شن حملة هجومية مضادة سريعة من أراضيها الآمنة نسبياً في المحيط الهادئ وأستراليا أصبحت موضع شك.

وعلى هذا فإن هذا النهج مغر من المنظور العسكري. ولكنه ينطوي على مخاطر استراتيجية عالية. فبمجرد أن تبدأ الولايات المتحدة في التعافي من مثل هذا الهجوم، فإن تحالفاً متحالفاً سوف يضمن لها في نهاية المطاف شن هجوم مضاد هائل. ومن شأن مثل هذا الهجوم الدموي غير المبرر أن يزيل كل العقبات السياسية التي تحول دون اندلاع حرب شاملة مع الصين في الولايات المتحدة أو اليابان. وسوف تصبح الدولتان ملتزمتين تماماً بمواجهة الصين بدلاً من إضاعة الوقت في المشاحنات السياسية الداخلية حول ما إذا كان ينبغي لهما مساعدة تايوان.

إن الدول من كوريا الجنوبية إلى سنغافورة التي من المرجح أن تظل محايدة إذا ما اقتصرت هجمات الصين على تايوان سوف تنضم إلى المعركة بكل تأكيد إذا ما هاجمت الصين اليابان. وسوف يتحول الرأي العام العالمي بشكل حاد ضد الصين مع ظهور مقاطع فيديو لصواريخ جيش التحرير الشعبي الصيني وهي تلحق دماراً غير مبرر بالأراضي اليابانية والأصول الأميركية.

وفي نهاية المطاف، فإن الهجوم المضاد ضد الأهداف العسكرية في البر الرئيسي سوف يكون هائلا، وسوف يتضرر الاقتصاد الصيني بشدة مع ضغوط الولايات المتحدة على المصدرين الصينيين للسلع الأساسية والأسواق المالية العالمية لإغلاق الاقتصاد الصيني.

وعلاوة على ذلك، من المرجح أن تشن الولايات المتحدة حربا مباشرة على النظام، باستخدام الوسائل الإلكترونية وغيرها من الوسائل لتحفيز الاضطرابات على نطاق واسع داخل الصين. بل وربما تفكر الولايات المتحدة في أشكال أخرى من التصعيد بعد مثل هذا الهجوم المفاجئ الضخم.

من المؤمل أن تشرح الولايات المتحدة كل هذا لنظام شي خلال العديد من الاشتباكات الأخيرة. وإذا كان الأمر كذلك، فإن شي يدرك أنه يواجه معضلة استراتيجية حقيقية. فهو يستطيع تحسين فرصه في تحقيق النصر العسكري على تايوان من خلال ضرب الأصول الأميركية وحلفائها، ولكن هذا قد ينطوي على مخاطر عالية غير مقبولة. والبديل المتاح له هو قبول درجة عالية من المخاطر العملياتية لقواته البرمائية من خلال الحد من هجومه على تايوان فقط.

إن التخلي عن توجيه ضربة استباقية ضد اليابان من شأنه أن يترك المجال مفتوحاً أمام القوة الجوية والبحرية الأميركية واليابانية القادرة على تدمير أي قوة غزو. ولهذا السبب، ورغم أنه لا يمكن استبعاد اندلاع حرب شاملة، فمن المرجح أن تواصل الصين تصعيد حملتها القسرية بما في ذلك شن ضربات محدودة ضد الجزيرة وفرض حجر صحي بحري عليها. وتتلخص الاستراتيجية في كسر الإرادة السياسية لتايوان مع إبقاء الولايات المتحدة بعيدة عن القتال.

بطبيعة الحال، يتعين على الولايات المتحدة واليابان أن تزيلا إغراء الصين بمهاجمتهما استباقيا. ويتعين عليهما تعزيز القواعد والدفاعات في الموانئ، وتوزيع القوات الأميركية وقوات حلفائها عبر الجزر اليابانية والفلبين، وتعزيز الدفاعات الجوية والصاروخية المشتركة. ولكن يتعين على طوكيو وواشنطن أيضا أن تستعدا لهزيمة حملات الحرب الهجينة المتزايدة التكثيف والتي تهدف إلى كسر إرادة الحلفاء مع تجنب حرب كارثية.

دان بلومينثال هو زميل بارز في معهد أميركان إنتربرايز.

جميع الحقوق محفوظة لشركة Nexstar Media, Inc. 2024. لا يجوز نشر هذه المادة أو بثها أو إعادة كتابتها أو إعادة توزيعها.

للحصول على أحدث الأخبار والطقس والرياضة ومقاطع الفيديو، توجه إلى The Hill.