بات ينتشر في السنوات الأخيرة مصطلح “الفاشينيستا” للدلالة على النساء اللواتي يتّخذن من الموضة والجمال مجالاً لهنّ للعمل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهنّ حتماً من بين الشخصيّات الأكثر متابعةً، إذ يعرّفنَ متابِعاتهنّ على أجدد صيحات الموضة من مختلف دور الأزياء، وعلى الطرق المختلفة لتنسيقها بنجاح واعتمادها في الإطلالات اليومية، فباتت الفاشينيستات حول العالم مرجعاً للكثير من الفتيات لاستلهام اللوك، ومنصّة لأغلب دور الأزياء العالمية للترويج لمنتجاتها الجديدة إن لناحية الأكسسوارات أو المجوهرات أو مستحضرات التجميل وصولاً إلى الفنادق والمطاعم والمحال التجارية.
مصمّمة الأزياء والمدوّنة تمارة القباني هي من مدوّنات الموضة في السعودية اللواتي نجحن في خلق ثقة كبيرة بينهن وبين متابِعاتهنّ، فهي تتمتّع بأسلوب جريء ومختلف، ولا تتردّد في المجازفة باختيار وتنسيق إطلالاتها لناحية الملابس والأكسسوارات والشعر والمكياج. ومن خلال صفحاتها على السوشيال ميديا، تنقل تمارة طريقتها في تنسيق إطلالاتها واختيار الألوان والصيحات الجديدة، ثم أنشأت ماركتها الخاصة التي تحمل اسمها في تصميمها لمجموعات فساتين السهرة.
الموضة شغف فطري وموهبة
بدأت السيدة السعودية مسيرتها المهنية مباشرةً بعد تخرّجها في الجامعة بدرجة إدارة الأعمال، وعملت بالصدفة مقدّمة برامج تلفزيونية، ولكن بعد فترة أرادت أن تخوض تحدّياً جديداً فانطلقت في عالم الموضة الذي أحبّته كثيراً، ورغم شغفها بكلٍ من تقديم البرامج والتمثيل وتصميم الأزياء، إلاّ أن عالم الموضة هو الأقرب إلى قلبها.
وعن اختيارها لعالم الفاشينيستات، تقول القباني: “الموضة شغف فطري وهي موهبة لديّ منذ طفولتي، وأتذكر في أول يوم لي في الحضانة أنني عدت إلى المنزل وأخبرت والدتي أنني أريد خزانة ملابس جديدة وبناطيل جينز من كل الألوان. وفي صف الرسم والفنون، كنت أرسم دائماً عروض أزياء وملابس، وقد عثرت أخيراً على رسومات قديمة رسمتها عندما كان عمري 7 سنوات”. وتضيف: “بدأت الظهور عبر مواقع التواصل بهدف التسويق وبيع علامتي التجارية الخاصة للأزياء، حيث لم أكن أملك ميزانية للإعلانات في المجلات. وهذا الأمر غيّر حياتي وأنا ممتنة لذلك، خاصة أنني واجهت كل أنواع التحدّيات التي يمكنكم تخيّلها، بدءاً بالرفض والأحكام المسبقة، إلى العوائق المالية ونقص التوجيه والخبرة، وصولاً إلى كراهية النساء لي. ومع ذلك فأنا أحمُد الله لأنه ساعدني في هذه الرحلة التي كانت صعبة للغاية، ومليئة بالتحديات التي واجهتها وحيدةً”.
مفاهيم خاطئة عن الفاشينيستات
وتوضح تمارة القباني أن “الفاشينيستا شخص يتمتع بالإبداع والعاطفة والمعرفة العميقة بصناعة الأزياء، ويجسد ذلك بالقَدر نفسه على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة به”. وتشير إلى أن “هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة الرائجة حول هذا المجال، وفي مقدّمها أن جميع الفاشينيستات هنّ محدودات وفارغات من المضمون ويفكّرن فقط بالمال، ولسن ذكيات”.
أما عن ازدياد عدد الفاشينيستات في الوطن العربي، فتقول تمارة: “الشغف، والحب الحقيقي للأزياء والموضة والأناقة هي الأسس المطلوبة لدخول هذا المجال. فالشغف يدفعنا إلى الاستمرار وعدم الاستسلام، وهو ما يُبقي الإبداع متجدداً طوال الوقت”.
مدوّنات الموضة والمكاسب المادية
وحول اتّهام الكثير من الفاشينيستات باستغلال المتابِعات للحصول على الأرباح المادية والهدايا الفخمة، تردّ الشابة السعودية قائلةً: “من المؤكد أن هذا الاتّهام يطاول بعض الفاشينيستات، ولكن لا يجوز التعميم، إذ إن هناك قسماً آخر من مدوّنات الموضة لا يهتممن بالمال والإعلانات، بل يقمّن بهذا العمل عن حب وشغف. وفي المحصلة، إن القيام بأي نوع من الأعمال، إذا كان يرتكز على أجندة محدّدة هدفها المال فلن يستمر وسيتلاشى في النهاية، في حين أن العمل النابع من عاطفة حقيقية وشغف سيتطوّر ويدوم طويلاً. كما أن المكاسب المالية لمدوّنات الموضة ليست ثابتة وواحدة للجميع، فهي قد تكون ضخمة لبعضهن ومحدودة جداً للبعض الآخر”.
خدعة جمالية للحفاظ على الرشاقة
وتؤكد تمارة أن شغفها في هذا المجال يساعدها دائماً على مجاراة آخر صيحات الموضة، قائلةً: “أنا أتابع كل الصيحات عن كثب، وأدرس مختلف اتجاهات الموضة، حتى قبل سنوات من ظهورها على منصات عروض الأزياء”. وتشير إلى أنها تحرص على “مواكبة كل ما يتعلق بالصحة والأزياء والعناية بالبشرة والجمال، ولكن العامل الأكثر أهميةً للحفاظ على رشاقتنا وجمالنا الخارجي هو الاهتمام براحة بالنا وصحتنا النفسية والجسدية، فعندما تكون كلها جيدة، يصبح كل شيء على ما يرام”. وتتحدث أيضاً عن مفهوم الموضة المستدامة وسُبل تطبيقها فتقول: “أحب هذا الاتجاه الجديد في عالم الموضة، وأراقب مبدأ الاستدامة عن كثب، وأتحمّس لمعرفة أين سيصل في المستقبل، لأن الموضة تساهم في تلوث البيئة في العالم”.
كوني جريئة في تغيير أسلوبك
وتقدّم تمارة نصائح الى الفتيات اللواتي يرغبن في تجديد أسلوبهن بالقول: “كوني جريئة وشُجاعة. ليس هناك ما يدعو للخوف ويمكنك دائماً العودة إلى مظهرك القديم، ولكن الوقت الذي يمر من دون أن تجرّبي فيه التغيير واللوكات الجديدة لن يعود أبداً. استمتعي بكل تجديد، فالشعر ينمو مجدداً، ويمكنك إزالة المكياج بسرعة، واستبدال الملابس بسهولة. كوني أنتِ دائماً، إنها نعمة أن تكوني امرأة”.
أما عن تنسيق الملابس والألوان فتقول: “أنصح الصبايا بالتعلّم أكثر والتجربة قبل اختيار الإطلالة الأفضل. فأنا كسرت كل القواعد وبدا الأمر رائعاً، لذلك لا يمكنكِ اكتشاف طرق التنسيق الصحيحة إلاّ حين تجرّبين بنفسك الملابس والألوان، وتلتقطين الصور، ثم تعودين إليها بعد يومين أو ثلاثة أيام، حينها ترين الإطلالة بشكل أفضل”.
اترك ردك