“مجدرة حمرا” من لبنان إلى دبي… أنجو ريحان لـ”لها”: أنا حرّة على المسرح

المسرح منبر حرّ تُتلى على خشبته قضايا المجتمع بقالب منوّع، ومنه المسرح الكوميدي الذي يلجأ إلى الإبتسامة وهو يضع إصبعه على جروح المجتمع والشعب. وهي رسالة الكاتب والمخرج يحيى جابر، الذي يجسّد من خلال مسرحية “مجدرة حمرا” معاناة ٣ نساء بامرأة واحدة: أنجو ريحان. وفي لقاء مع الممثلة أنجو نتعرّف أكثر عن حبكة المسرحية، وتفاصيل في كواليس حياة أنجو الفنية.

مريم، فَطَم وسعاد…

ما الذي يرمز إليه عنوان المسرحية؟

مجدرة حمرا هي وجبة طعام جنوبية، وهي عصب أساسي في المسرحية. تعكس ما يتناوله النص من تفاصيل تتعلق بحياتنا اليومية الإجتماعية، ونظرتنا إلى ذاتنا وإلى الآخر.

ما هي الحبكة؟

تدور المسرحية حول ٣ نساء تجتمعن في منزل مريم جنوب لبنان، وكل واحدة لها قصة: مريم مقيمة في فرنسا وتعيش صراع الانتماء “أي أرض تشبهها”، الحب “تحب رجل في فرنسا وآخر حبيب طفولتها في الجنوب”، والأمومة “هل ستنجب؟ وهي أصلاً ضائعة إلى أي بلد تنتمي”.

فطم أرملة ولديها ٣ أولاد، وهي في رحلة بحث عن حقوقها. هذا بالإضافة إلى أنها تريد الزواج وترفض ابنتها الفكرة، لتظهر أنانية الأولاد احياناً.

أما سعاد فهي متزوجة وتتعرّض للعنف من قبل زوجها، ودائماً ما تجد له مبررات.

حصدت “أفضل جائزة عن دورك في المسرحية”، ماذا تعني الجائزة لأنجو؟

أنا كل يوم أحصد جائزة، بمجرّد أن أقدّم العمل وأسمع التصفيق بلحظتها. ولكن بالتأكيد الجائزة جعلتني أشعر بالفرح، خاصة وأنها من لبنان وأساتذتي كانوا هم أعضاء لجنة التحكيم.

بعد لبنان تعرض المسرحية في دبي، ما العامل الذي أدى إلى مشاركة مجدرة حمرا على إحدى مسارح الإمارات إلى جانب عدد من العروض الأجنبية؟

لاقت نجاحا في لبنان وصل صداه إلى الإمارات العربية المتحدة، وأبرز عناصر هذا النجاح هو أنّ يحيى جابر وأنا عملنا على المسرحية بحب.. “يحيى بيعرف كيف يعجن القصة، ويُخرجها بقالب جميل وله رسالة”. هذا الى جانب الصدق في العمل نصاً وأداءً.

المرأة في الكوميديا…

كيف تنظر أنجو ريحان إلى العمل الكوميدي؟

الكوميديا ليست سهلة وعامة تهرب شركات الإنتاج منها، “لأنه في الكوميديا تحتاجين إلى نص ذكي جداً وغير هزلي، كي تتمكّني من إضحاك الجمهور”. ولنجاح العمل الكوميدي، هناك عنصر أساسي أيضاً هو التمهيد للشخصية وكيفية التفاعل مع النص. إن الكوميديا مهمة لأنها تدخل في جروحات شعبنا، التي تشبه في كثير من قضاياها مآسي باقي الشعوب من حيث الظلم، ونظرة الآخر والعنف.

إلى أيّ مدى لا يأخذ الكاتب أو المخرج، المرأة على محمل الجدّ في العمل المسرحي؟

أنا لا أعتقد ذلك، ولكن أحياناً يضعون المرأة “تلوينة” في أي عمل، ولكن كلما تعمل المرأة على ذاتها وتصقل مهاراتها بالتأكيد ستصل.

ماذا تريد أن تقول أنجو من خلال المسرح الكوميدي؟

أنا هنا لأروي قصة قد تكون مؤلمة واريدها أن تصل أسرع، فأجد تناولها في إطار كوميدي ذكي هو أمر نبيل. ويلعب المخرج دوراً في إبراز نقاط قوتي “بيرجع ياخدني لعند النص”. ولكن المهم هو أن يكون العمل ممسوكاً من حيث النص والأداء.

ما هو أجمل وأسوأ كلمة سمعتها أنجو خلال عملها في الكوميديا؟

أركّز أكثر على ما هو إيجابي، وأحب فكرة أن الناس عندما تراني تضحك وكيف أن اسمي مرتبط بالإبتسامة. كما أنني أرى الحب والمحبة في عيون الجمهور، وهذا يفرّحني. يهمني بصراحة أن أكون راضية عن ذاتي، وأن يكون المخرج راضياً على أدائي. ومن خلال عملي مع الكاتب والمخرج يحيى جابر منذ 2016، فقد أثبتت التجربة أن كل عمل سيصل بالطريقة الصحيحة إلى الجمهور متى كنت مقتنعة به وصادقة.

بين التلفزيون والمسرح…

ما الذي يؤمّنه لك المسرح؟

المسرح هو اللذة والشغف والحقيقة المطلقة. على المسرح تتجرّدين من كل شيء، تقفين أمام الجمهور الذي ينتظر ماذا ستقولين. اللافت أن الناس أتوا إلى المسرح واعطوك من وقتهم، وهذا له قيمة كبيرة بالنسبة لي. في المسرح أكون في دائرة الراحة، وأعبّر عن كل أحاسيسي وفيه مسؤولية وأدرينالين.

ما الذي تطمحين إليه في التلفزيون؟

أتمنى أن أصل في التلفزيون إلى ما أشعر به على المسرح. التلفزيون هو عمل تجاري أكثر ومن أجل المردود المالي، ويمنح شهرة أوسع. في التلفزيون نعمل مع فريق وممثلين وأحياناً لا يكون النص بكل حلقاته معك، بينما المسرح قد أقف وحدي على الخشبة وأعرف بداية العمل ونهايته، وهذا الأمر نفسه نجده في السينما حيث البداية والنهاية معروفة.

برأيك لماذا حضور المرأة العربية على المسرح نادر مقارنة مع التلفزيون؟

المرأة يعتمد حضورها على المسرح، تبعاً لوجود المسرح في البلد. ويجب الأخذ بعين الاعتبار عادات وتقاليد الدولة، مدى الحرية لدى المرأة في القيام بما تحبه خاصة في الفن، نظرة المجتمع، مدى سعي المرأة للعمل على ذاتها كي تقول: أنا إنسان، ويحق لي العمل في هذه المهنة.

هل أنت امرأة حرة أكثر على الشاشة أم المسرح؟

الإثنين معاً.. وفي الحياة أطمح أن أكون حرة، وأسعى دائما أن أتعلم كي أتحرّر مما لا يشبهني من العادات والتقاليد والموروثات. أحاول أن أكون صادقة، وألا أخون نفسي وموهبتي. وأجد أن المسرح يعطي مساحة أكبر للحرية.

“مجدرة حمرا” تطرح مواضيع سبق وتمّ تداولها في أعمال عديدة، ولكن الفارق هنا أنّ يحيى جابر اعتمد الكوميديا في عرض هذه القضايا الشائكة. كانت المسرحية جسر عبور ذكي لإيصال رسالته، “لأن الشخص بس يضحك تصله المعلومة، ثم يفكر فيها بمنظور كونه ضحك على موضوع هو في الحقيقة واقع موجِع”، على حدّ قول أنجو ريحان، التي بدأت تقدّم المسرحية عام 2018 ثم توقفت بسبب الأحداث اللبنانية وأزمة كورونا، ثم تمّ استئناف عرضها في لبنان وستعرض في 8 حزيران/يونيو 2023 على مسرح مول الإمارات في دبي، وفي 10 حزيران/يونيو في الشارقة.