من المحاماة في مجال التكنولوجيا لدى شركتين عالميتين هما Clifford Chance وApple الى تصميم الحقائب الفاخرة. رحلة ملهمة عنوانها الشغف والرغبة في تحقيق الذات، نتعرّف على تفاصيلها في هذه المقابلة.
– كيف تعرّف ريما عامر عن نفسك؟
والداي أهم شخصين عرفتهما في حياتي وهما الأكثر إلهاماً لي. ترعرت في كنفهما على مفهوم أن لا حدود لما يمكن تحقيقه. نشأتُ وأنا أرى أبي وأمي يحوّلان الأفكار إلى واقع. أُعجبت برؤية والدتي وهي تكتب شيئاً ما على الورق، ووالدي وهو يسجّل شيئاً على الكاميرا، وفي خلال شهور أشاهد ابتكاراتهما على شاشة التلفزيون. لقد ألهماني بهذا المفهوم بأنه يمكنني جعل أفكاري حقيقةً. تلك الذكريات واللحظات خلقت المصمّمة في داخلي. لكنني لم أرغب في التصميم فقط… كنت مغرمةً بالتكنولوجيا منذ صغري، وقرّرت أن أتعلّم كل ما يمكنني معرفته عنها.
– عملت كمحامية في شركات عالمية مثل Clifford Chance وشركة Apple كيف انعكست هذه الخبرة في شخصيتك كمصمّمة؟
كنت محظوظة بالعمل في شركات مشهورة عالمياً وتعلّم المعنى الحقيقي للانضباط. تعلّمت أن لكل مشكلة حلاً، ولكن التسوية مهمة. الصبر فضيلة مع معرفة أن الوقت هو الجوهر أيضاً. تعلّمت العمل تحت الضغط والإنتاج بأعلى جودة. لكن الأهم من ذلك أنني توصلت إلى حقيقة مهمة، وهي لكي أتمكن من إدارة شركة ناجحة فأنا بحاجة إلى تعلّم كل الأسرار من أساتذة الصناعة، وليس هناك مكان أفضل لتعلّم القانون من Clifford Chance أو تعلّم تفاصيل عالم التكنولوجيا من Apple.
– ما الذي قادك الى عالم التصميم؟
أمي. لقد رأت حبّي للتصميم منذ صغري وكانت جزءاً من رحلتي في هذا الطريق. لقد نشأت وأنا أتعلّم الفن بأشكال عدة. نشأت على زيارة متحف Louvre ومتحف Victoria & Albert Museum، وكنت أشاهد الأوبرا في Royal Albert Hall أو الأعمال المسرحية في القاهرة ولندن. كنت أعلم أنني أريد أن أكون جزءاً من هذا العالم.
أيضاً استلهمتُ تصاميمي من مجموعة حقائب يد جدّتي. كان لديها نوع معيّن من الحقائب، وكانت تحملها في كل الأمكنة. أتذكّر أنني كنت أفكر في أن حقائب يدها كانت فريدة ولا تشبه أي حقائب أخرى. أردت أن أُعيد ذلك التصميم، التصاميم Vintage التي كانت خالدة وأنيقة وجريئة. هذا هو المكان الذي بدأت فيه القصة.
– أخبرينا قصّة تأسيسك لشركتك الخاصّة بالموضة Bovenue؟
تأسّست BOVENUE في عام 2012 في لندن. كان ذلك في بداية ظهور أعمال التجارة الإلكترونية، وشعرت أنها كانت رسالتي، ليس فقط للعمل في التصميم، ولكن لاستخدام التكنولوجيا والوصول إلى الجمهور في كل مكان. كنّا أنا وغادة وفيصل لا نزال في الجامعه في ذلك الوقت، لكن قرّرنا تسجيل الشركة وبدء المشوار. واجهنا العديد من الصعوبات في بداية الطريق، على سبيل المثال، حينذاك لم يتم قبول الدفع باستخدام البطاقات المصرفية في السعودية عبر الإنترنت، لأنها لم تكن تحتوي على رمز التحقّق من البطاقة (CVC)، مما يعني أننا فقدنا الوصول إلى جمهورنا السعودي. واصلنا العمل، وتعاملنا مع كل تحدٍّ. كل طلب تلقيناه كان بالنسبة إلينا احتفالاً، وبدأت الطلبات تتزايد ببطء. علمنا أن هناك مكاناً لـ BOVENUE في السوق السعودية وقرّرنا نقل عملياتنا إلى المملكة في عام 2017. اليوم، تتوافر BOVENUE في لندن وباريس والسويد، وقريباً في لوس أنجلوس ونيويورك كعلامة تجارية سعودية لحقائب اليد.
– المقاربة التي حصلت لشركتك من قبل غيّرت حياتك المهنيّة، أخبرينا أكثر عن Saudi 100 Brands؟
تواصلوا معي من هيئة الأزياء في المملكة العربية السعودية للانضمام إلى مبادرة 100 Brands Saudi. كجزء من البرنامج، كنا محظوظين في الحصول على تدريب من جانب قادة في الأزياء مثل Tommy Hilfiger وAnya Hindmarch.
في إحدى الجلسات، أكّدوا لنا أن في آسيا 3 مليارات شخص، أي حوالى 50 في المئة من سكان العالم، مع التركيز على هذه المنطقة. أعلم من قادة السوق أن الوقت قد حان لمصمّمينا المحليين والمواهب المحلية للتألق والتقدّم الى الأمام. التدريب الذي نتلقاه يزوّدنا بالمعايير العالمية عندما يتعلق الأمر بالإنتاج وتطوير التصميم وأخذ العيّنات والتوزيع. من الملهم أن تكون جزءاً من مجتمع من العلامات التجارية الموهوبة، وبعضها لديه عقود من الخبرة، لكنهم يعملون الآن معاً لإعادة تعريف صناعة الأزياء في المملكة. هذا في حد ذاته سبب لتحويل تركيزي إلى التصميم والإبداع.
– كمصمّمة سعودية، ما الذي يُلهمك أكثر؟
كل واحدة من المجموعات التي أصمّمها مستوحاة من امرأة أعرفها شخصياً وسُمّيت باسمها. تتحدث مجموعة “نوره” (وهي عن جدّتي) عن امرأة وفية تحب وطنها وتربطها علاقة بأجزاء مختلفة من المملكة، وفي المجموعة قطع مستوحاة من الحجاز ونجد والجنوب والشرقية.
أما مجموعة “ليلى” (وهي عن والدتي) فتكشف عن المرأة القوية التي لها جانب رقيق وجميل وتُسحر المكان بوجودها.
وتحكي مجموعة “نوال” (وهي خالتي) عن الشخصية الفريدة التي فيها العديد من المفاجآت الجميلة.
وتشير مجموعة “غادة” (وهي أختي والشريك المؤسّس) الى المرأة المُدركة بيئياً والتي تؤمن بمستقبل العالم وتريد حمايته.
كل مجموعة من هذه المجموعات تُظهر شخصياتها الخاصة في التصميم واللون والشكل. وعلى الرغم من تسميتها بأسماء نساء حقيقيات، إلا أن الكثير من النساء يتماثلن مع القصص التي نشاركها عنهن.
مهمتنا هي الاستمرار في تحديد النساء اللواتي يُلهمننا ومشاركة تفسيرنا لهنّ في مجموعاتنا، وكذلك سرد قصصهن بلغة الفن والإبداع التي يتم التحدث بها عالمياً.
– أيّ مصمّم أو دار تجدين نفسك معجبةً بأسلوبها؟
Yves Saint Laurent فهي لا تخاف من تغيير مفهومها للأزياء والاحتفاظ بهويتها. أحب مجموعتها الأولى، لأنها مستوحاة جزئياً من ذكريات الطفولة عن فستان والدة سان لوران نفسه في أربعينيات القرن الماضي في الجزائر، وأيضاً من ملابس السوق المستعملة التي ترتديها صديقاته.
– كيف تصفين أسلوبك الخاص في التصميم؟
تصاميمي تستلهم أشخاصاً مؤثّرين. أبدأ كل مجموعة بفكرة عن الشكل والتصميم والرسم التخطيطي. ثم تتكوّن القطعة ببطء وفقاً للقصة وشخصية المرأة. في بعض الأحيان يتغير الشكل بالكامل! أحاول ابتكار شيء فريد ومستدام يمكن استخدامه لسنوات، وهدفي هو صنع حقيبة يد عملية يمكن أن تُستخدم أيضاً كقطعة مسائية.
– أيّ فنانة تحبّين أن تحمل حقيبة من تصميمك؟
أنجلينا جولي، أعتقد أنها تحمل الكثير من قيم علامتنا التجارية في الاستدامة وتغيّر المناخ. وآنا وينتور، التي درست مجموعة حقائب اليد الخاصة بها على مدى عقود ولم تبتعد كثيراً عن الحقيبة الصغيرة الأنيقة. سيكون هذا إنجازاً كبيراً بالنسبة إلينا إذا استبدلت بها إحدى قطع BOVENUE.
– هل تتخلّين يوماً عن المحاماة من أجل الأزياء؟
أعتقد أن الناس متعدّدو الأبعاد: لقد ولّت الأيام التي كان فيها لاعب كرة القدم هو اللاعب فقط أو الدكتور هو الدكتور فقط. أعتقد أنه من خلال احتضان أبعادنا المتعددة، يمكننا أن نكون أفضل نسخة من أنفسنا. لا يمكن أن تكون ريما مصمّمة من دون أن تكون محامية، والعكس صحيح. بغض النظر عما إذا كنت سأستمر في القيام بالمهمة أم لا، سأعتمر دائماً القبّعتين بطريقة ما.
– كيف تحلمين بالغد والمستقبل؟
أحلم بمستقبل واعد لأجيالنا وأطفالنا. أساسنا وهدفنا هو تقليل بصمتنا الكربونية قدر الإمكان. اليوم، تُنتج BOVENUE قطعاً مصنوعة في إيطاليا بأقمشة عالية الجودة، ومع ذلك فإننا نستخدم الجلود المقطوعة من علامات تجارية مشهورة جداً لإنتاج منتجات “zero-waste”. القطعة التي نحملها مستدامة ولم تُضرّ بالبيئة بعد، وهي مصنوعة من المواد الدقيقة التي قد نجدها في حقيبة يد مملوكة لعلامة تجارية مشهورة.
أحلم بأن تعمل العلامات التجارية معاً لمساعدة البيئة. تتمتع العلامات التجارية بقوة شرائية كبيرة، وسيكون من الجميل إذا تمكنا من استخدامها لتثقيف المستهلك حول كيفية مساعدة البيئة والناس.
اترك ردك