تحت عنوان “أسعار المواد الغذائية تسابق الدولار في صعوده” كتبت ايفا أبي حيدر في الجمهورية:
في ظلّ الارتفاعات الجنونية لسعر الدولار في السوق السوداء، تبقى العين على تقلّبات اسعار المحروقات والمواد الغذائية، بحيث يصعب الاستغناء عنهما، لأنّهما يدخلان في حاجات المواطن اليومية. كيف تقلّبت اسعار المواد الغذائية في السوبرماركات خلال هذا الاسبوع، الذي انطلق بدولار 51 الفاً وانتهى بدولار 64 الفاً، قبل ان يتراجع إلى 60 الفاً؟
يبدو انّ اللجوء إلى تسعير المواد الغذائية بالدولار، على ان يُترك للبناني خيار الدفع بالليرة اللبنانية او بالدولار، بات مطلباً ملحّاً نظراً لانعكاساته الايجابية على المستهلك، لأنّها تقدّر ثمن المنتج بشكل اقرب إلى الواقع، على عكس ما يحصل راهناً. فالمورّد او التاجر يضطر إلى احتساب السلعة وفق سعر دولار اعلى من السوق، ليحفظ حقه متى ارتفعت الاسعار، لاسيما بعد الجنون الذي حصل في السوق السوداء خلال هذا الاسبوع.
في هذا السياق، يقول نقيب اصحاب مستوردي السلع الغذائية هاني بحصلي لـ»الجمهورية»، انّ القانون 959 في المادة الخامسة منه، لا يقف حاجزاً امام التسعير بالدولار، انما يفرض إظهار السعر بالليرة اللبنانية، وبالتالي، إذا سعّر التاجر بالدولار محدّداً قيمة احتسابها بالليرة، فهذا لا يُعدّ مخالفة للقانون، انما مخالفة القانون تكون في حال أصرّ التاجر ان يقبض من المستهلك بالدولار. وكشف انّ هناك مسعى لإيجاد الإطار القانوني الذي يحول دون مخالفة التاجر للقانون. لافتاً أنّ هذا الإطار يُدرس في اللجان النيابية في لجنة الاقتصاد ومع الوزراء المعنيين، خصوصاً انّ هناك سوابق حصلت في هذا الإطار، منها القرار الذي اصدرته وزارة السياحة، وسمحت بموجبه التسعير بالدولار، مع ترك حرية الاختيار للمستهلك للدفع بالليرة او الدولار.
وأكّد بحصلي، انّ التوصل إلى نتيجة في هذا السياق بات قريباً. فنحن بتنا نشعر من بعض النواب انّ هناك تقبّلاً للموضوع، لأنّ الفوضى السائدة ما عادت مقبولة. كذلك صرّح وزير الاقتصاد في اكثر من مناسبة، انّه يؤيّد كل القرارات التي من شأنها ان تخدم المستهلك وتخفف الأعباء عنه.
ورداً على سؤال، أكّد بحصلي انّ أحداً من الموردين لم يعتمد دولار 63 في التسعير بعد، وأنّ تسعيرة الدولار على المواد الغذائية تراوحت ما بين 58 و 60 الفاً. لافتاً إلى انّه إذا تراجع الدولار عن 58 الفاً خلال نهاية الاسبوع، فلا بدّ ان يتراجع تسعير السلع اعتباراً من يوم الاثنين. مع تأكيده انّه لا يمكن الاستمرار في هذه الدوامة.
وأوضح بحصلي انّه في جو الفوضى السائدة إذا تمنّعت بعض الشركات عن تسليم بضاعة إلى السوق فذلك حفاظاً على المستهلك، مشيراً إلى انّه عند التقلّبات الحادة في البورصات العالمية تلجأ كلها إلى الاقفال حماية للمستثمر الصغير أولاً قبل المستثمر الكبير، وهذا ما حاول الموردّون فعله,
أما كيف انعكست تقلّبات الدولار على الحركة في الأسواق؟
يقول نقيب اصحاب السوبرماركات نبيل فهد لـ»الجمهورية»، انّ الحركة في الاسواق هذا الاسبوع كانت ضعيفة جداً، لا بل شبه معدومة، ولم يحصل اي تهافت على شراء السلع لتخزينها قبل ان يرتفع سعرها، لأنّ الشراء يتطلب سيولة، الامر غير المتوفر لدى الغالبية من اللبنانيين. حتى إذا ما اراد المستهلك ان يدفع 50% من الفاتورة بالبطاقة فهو يحتاج إلى توفير الـ50% المتبقية نقداً، الامر الذي يصعب توفيره بسهولة، ما ادّى إلى خفض حجم الاستهلاك.
وعن نسبة احتساب الدولار لدى التسعير، أكّد فهد انّ الموردين هم من يحدّدون الاسعار وليس اصحاب السوبرماركت. لذا لا يمكن معرفة سعر الدولار الذي اعتُمد لدى تسعير السلع، لكن الاكيد انّ لكل مورد حساباته وطريقته في التسعير. كاشفاً انّه في ظلّ التقلّبات الحادة في الدولار أحجم الموردون عن تسليم بضاعة للسوق ريثما يستقر الدولار قليلاً ليقرّروا تسعيرة الدولار التي ستُعتمد. مرجحاً ان يُستأنف التسليم اعتباراً من يوم الاثنين المقبل.
واكّد فهد، انّ بعض السلع المسعّرة بالدولار التحقت بسعر الصرف، لا سيما منها الحبوب واللحوم، التي سُعّرت أمس على دولار 60 الفاً، لافتاً إلى انّ رفع اسعار السلع في السوبرماركت يتسم بالحذر الشديد. فنحن ندرك انّ الوضع صعب جداً، والمستهلك لا يملك السيولة للشراء. لذا ليس همّنا ان نربح أكثر انما ان نجد من يشتري.
ورداً على سؤال، شدّد فهد على ضرورة البدء باعتماد التسعير بالدولار في السوبرماركت، على ان يدفع المستهلك فاتورته بالليرة اللبنانية وفق سعر الصرف في حينه، شارحاً انّ اعتماد هذا الإجراء يصبّ لصالح المستهلك، لانّه يعطي تسعيرة أصح للمنتج ويسمح له بإجراء مقارنة صحيحة للاسعار بين السوبرماركات، ما يعزّز المنافسة في ما بينهم. مذكّرا بأنّ هذا الإجراء اعتُمد في اوائل التسعينات، عندما كنا نمرّ بتقلّبات حادة للدولار تماماً كما اليوم.
اترك ردك