جاء في نداء الوطن:
وضع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس “مشروع جدول أعمال” الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، ووضع معه “مشروع المشكل” مع جبران باسيل على صفيح ساخن أعاد الغليان بين ميرنا الشالوحي والسراي الكبير إلى واجهة الأحداث، لكن هذه المرة تحت إيقاع تراشق إعلامي مضبوط عملت حارة حريك على “دوزنته” بالتنسيق مع كل من ميقاتي وباسيل.
إذ أكدت مصادر معنية بالاتصالات الحكومية، أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال أخذ “الضوء الأخضر والأصفر” (في إشارة إلى “حركة أمل” و”حزب الله”) لتوزيع مشروع جدول الأعمال على الوزراء تمهيداً لتوجيه الدعوة إلى انعقاد مجلس الوزراء مطلع الأسبوع المقبل، مرجحةً أن تتم الدعوة اليوم وأن تنعقد الجلسة الاثنين، إذا لم يحصل أي طارئ خلال الساعات المقبلة.
ونقلت المصادر أنّ “ميقاتي اتفق على هذا السيناريو مسبقاً مع الثنائي الشيعي خلال لقائه منذ يومين المعاونين السياسيين لكل من الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله، علي حسن خليل وحسين الخليل”، كاشفةً أنّ “الخليلين شددا خلال اللقاء على ضرورة إعداد جدول أعمال مقتضب يتضمن بنوداً طارئة ومُلحّة ليكون “حزب الله” قادراً على تغطية انعقاد مجلس الوزراء أمام “التيار الوطني” وتأمين نصاب الجلسة”، وفي ضوء المشاورات جرى الاتفاق على أن يبادر ميقاتي إلى توزيع جدول الأعمال بصيغة “مشروع جدول” تطويقاً للانتقادات التي سبق أن طالت الجلسة الحكومية السابقة، وإفساحاً في المجال أمام أي تعديل يُطلب إدخاله على بنوده.
وفي هذا السياق، لفتت المصادر إلى وجود عدة سيناريوات لتأمين النصاب القانوني لانعقاد جلسة الاثنين، أحدها أن يشارك وزراء “حزب الله” كما حصل في الجلسة السابقة، أو أن يعمد “الحزب” إلى مقاطعة الجلسة بالتنسيق مع “التيار الوطني” مقابل ضمان مشاركة وزيرين من “التيار” لتأمين النصاب “ولو من باب الحضور لتسجيل موقف” أسوةً بمشاركة الوزير هكتور حجار في تلك الجلسة تحت هذا العنوان، مشيرةً إلى أنّ “الاتصالات لا تزال جارية لهذا الغرض، ويمكن القول إنّ النصاب بات شبه مؤمن وانعقاد مجلس الوزراء شبه مؤكد”.
قضائياً، وبعدما تولت “مفارزها الإعلامية السبّاقة” عملية “التشهير” بمهمة المحققين القضائيين الأوروبيين قبيل وصولهم إلى بيروت، بدأت السلطة مرحلة “تهشيلهم” من الأراضي اللبنانية عبر وضع العصيّ في دواليب مسارهم القضائي منعاً لتكشّف خيوط الجرائم المالية المرتكبة بحق المال العام والضالعين فيها، وهو ما خلّف “انزعاجاً واضحاً لدى الوفد القضائي الألماني” المكلّف بالتحقيق في ملف تبييض الأموال المتهم به حاكم المصرف المركزي رياض سلامة وآخرين، حسبما نقلت مصادر واسعة الاطلاع لـ”نداء الوطن” إثر اصطدام الوفد بدايةً برفض النائب العام الاستئنافي زياد أبو حيدر طلب مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات تسهيل مهمة المحققين الأوروبيين، قبل أن يعود إلى تكليف القاضي رجا حاموش التعاون مع الوفد الألماني وإطلاعه على ملف سلامة الذي سبق أن حققت فيه النيابة العامة التمييزية وطلبت من النيابة العامة الاستئنافية الادعاء فيه، كاشفةً أنّ المحققين الألمان خرجوا من اجتماعهم مع حاموش “منزعجين بشدة” بعدما رفض طلبهم تسلّم نسخة عن الملف ومنحهم “فقط حق الاطلاع”، معتبرةً أنّ “عملية توزيع الأدوار بدأت لعرقلة التحقيق الأوروبي”، من دون أن تستبعد أن يكون لتصرّف حاموش “رواسب قديمة” على صلة برفض استقباله في وكالة “يوروجست” القضائية التابعة للاتحاد الأوروبي.
أما في مستجدات قضية انفجار مرفأ بيروت، فأكدت وكالة الصحافة الفرنسية أمس خبر وصول قاضي تحقيق فرنسي إلى لبنان في 23 الجاري للاستفسار من النيابة العامة التمييزية اللبنانية عن سبب عدم تزويد القضاء الفرنسي بالمعلومات والأجوبة التي طلبها حول القضية، ربطاً بالاستنابات القضائية الفرنسية التي سبق أن أرسلت من باريس إلى بيروت استكمالاً لمسار التحقيق الفرنسي الجاري في انفجار 4 آب والذي أودى بحياة مواطنين فرنسيين من ضمن ضحايا الانفجار.
وتزامناً، استرجعت الضغوط السياسية زخمها لاستعجال تعيين محقق عدلي رديف في القضية، وأفضت أمس إلى دعوة مجلس القضاء الأعلى للانعقاد قبل ظهر اليوم للبحث في جدول أعمال من “بند وحيد” متصل بمقتضيات سير التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت.
وبينما تولى القضاة حبيب مزهر وداني شبلي وميراي حداد والياس ريشا دعوة المجلس للانعقاد، أكدت مصادر معنية لـ”نداء الوطن” أنّ رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود لن يحضر الجلسة “لعدم اقتناعه بصوابية هذا المنحى” في مقاربة ملف التحقيق العدلي في قضية انفجار المرفأ، لافتةً إلى أنّ “التوجهات السياسية السابقة نفسها تقف وراء هذه الدعوة المتجددة للضغط باتجاه تعيين قاض رديف للقاضي بيطار”، ونقلت معلومات موثوق بها تفيد بـ”ممارسة ضغوط كبيرة على القاضي عويدات ليحضر جلسة اليوم بهدف تأمين النصاب بعدما رفض المشاركة سابقاً لتنحيه عن مهامه في القضية كمدعي عام تمييزي نظراً إلى وجود صلة مصاهرة بينه وبين أحد المدعى عليهم في القضية النائب غازي زعيتر”.
وكشفت المصادر أنّ الضغوط التي تمارس في هذا الاتجاه تحثّ عويدات على حضور اجتماع مجلس القضاء الأعلى اليوم “حتى ولو لم يصوّت” بغية تأمينه النصاب، لكن لم يتضح بعد قراره بالحضور من عدمه، والذي سيتحدد في ضوئه مصير الاجتماع.
اترك ردك