سارة عقل شابة فلسطينية طموح، وجدت نفسها منذ الطفولة في المطبخ بين المواد الغذائية وأواني الطبخ، وتمكّنت رغم صغر سنّها من بناء مسيرة مهنية ناجحة في عالم الطبخ، حيث عملت في مطاعم كثيرة بمختلف دول العالم، وتمكّنت بموهبتها ومهاراتها في فن الطهي من تصدّر قوائم صناعة المطاعم المرموقة، والحصول على نجمة “ميشلان بيب غورماند”. ولعب فضول الطفلة سارة التي نشأت في مدينة الزرقاء الأردنية، دوراً كبيراً في دخوها مجال الطبخ، حيث بدأت في سنّ الثالثة عشرة باستكشاف طريقة والدتها في تحضير الطعام والتعلّم عن قُرب والاستمتاع بمساعدتها، وسرعان ما تحول الأمر إلى شغف، فباتت تعشق كل المكوّنات والمواد التي تدمجها مع بعض بعناية وتحوّلها إلى تحفة فنية قابلة للأكل.
الطهو الطريقة المثلى لأعبّر فيها عن نفسي
وفي هذا السياق، تتحدث سارة عن رحلتها الطويلة في هذا المجال وتشير إلى أنها من “عائلة متواضعة لناحية المعيشة ولكنها قوية ومميّزة في الطموح والإنجازات”. وكما أغلب الناس في الوطن العربي، حيث يشكّل الطعام جزءاً أساسياً من حياتهم، بدأ اهتمامها بالطعام في سنّ صغيرة، حين شعرت بأنها تجدّ نفسها سعيدة خلال تناول الطعام، وهذا ما خلق لديها حالة من الفضول لاستكشاف ما يمكنها تنفيذه في عمر الـ13 عاماً، لتُصدَم بأنها لم تكن تطهو الطعام، بل تكتشف مصدر سعادتها والطريقة المثلى لتعبّر فيها عن نفسها وعن مشاعرها المختلفة من السعادة إلى الحزن فالتوتر والقلق، فاجتمعت كلها مع بعض، لتجدّ ذاتها في الطبخ وتقرّر دراسة فن الطهو والعمل في هذا المجال لاحقاً.
ورغم الصعوبات والتحدّيات التي واجهتها، نجحت سارة من خلال لمساتها الفنية وموهبتها الفذّة في التنقل من مطعم إلى آخر في مختلف دول العالم للتدريب والعمل، وتقول: “أحب أن أصف هذه المرحلة بالتجارب أكثر من الصعوبات، ولكن بشكل عام كوني فتاةً شرقية وصغيرة في السنّ، لم يكن من السهل اختراق مجال يسيطر عليه الرجال والنجاح فيه”.
والدتي وجدّتي لهما الأثر الأكبر في شغفي للطهي
وعن مهاراتها الفنية في الطهي، ترى سارة أن “المهارة لا تكون متوارَثة عادةً، ولكن تأثير والدتي وجدّتي كان كبيراً جداً فيّ، فأنا لا أنسى كيف كانتا تستمتعان خلال تحضير الطعام. إضافة إلى أنني تربيّت في أسرة عربية تجتمع يومياً على مائدة الطعام وفي كل المناسبات والأوقات، وهو ما زاد من شغفي للطهي”.
وتضيف: “لطالما وجدت نفسي في المطبخ، حيث أعبّر بشكل أفضل عن كل ما أشعر به. ورغم أنني أمارس العديد من الهوايات الأخرى كالمشي في الطبيعة والسفر والرياضة، ألاحظ دائماً أن حتى هواياتي تعطيني التأثير الإيجابي نفسه الذي يمنحني إياه المطبخ، لذلك أسعى دائماً إلى تطوير نفسي من خلال الدراسة والممارسة والاستماع الى تجارب الآخرين”.
نجمة “ميشلان” تقدير لإبداع الطهاة والمطاعم
حصلت الشيف سارة على نجمة “ميشلان بيب غورماند” لعام 2022، التي ترمز إلى طهي عالي الجودة يستحق التوقف عنده والثناء، وتقول في هذا السياق: “نجمة ميشلان بالنسبة إليّ هي اعتراف بالتعب وتقدير للإبداع والالتزام. وحصولي على هذه النجمة في سنّ صغيرة يعني أن طريقي الذي لا يزال في أوّله قد بدأته بشكل صحيح”.
وتُعدّ نجمة “ميشلان” من أهم علامات التميّز التي تسعى إليها كل المطاعم والشيف في العالم، ويتطلب الحصول على هذه النجمة الكثير من الجهد والعمل على تقديم أطباق ذات مستوى راقٍ وجودة عالية، لذا فإن الاستحواذ عليها شرف كبير يتمنّاه كل طاهٍ وسِمة للجودة والرقي في مجال الطهي.
وتلفت الشابة إلى أن “حصولي على نجمة ميشلان الأولى فخر كبير لي، ولا ينقصني أي شيء للحصول على النجمة الثانية، ولكن ما يشغل بالي في الوقت الحالي هو أن يشعر ضيوفي بالرضا لدى تذوّق الأطباق التي أقدّمها لهم في مطعمي الخاص”.
نصائح مهمة قبل اختيار مجال الطهي
ومن خلال تجربتها الناجحة في الطعام الشرقي والإيطالي، توجّه سارة مجموعة من النصائح الى كل صبية تطمح بدخول مجال الطبخ بأن تنظر إلى الصعوبات التي قد تواجهها على أنها تجارب وتستفيد منها. كما توصيها بأن تنفّذ ما يرشدها إليه عقلها وقلبها، وتختار دائماً المكان الذي تشعر فيه بأنها قوية. والأهم أن تبتعد عن التقليد وأن تكون مميّزة وفريدة في المجال الذي تعمل فيه. وتشير إلى أن على كل سيدة ترغب بدخول مجال الطهي أن تعلم مسبقاً أن أكبر الصعوبات التي قد تواجهها هي كونها أنثى في مجال يهيمن عليه الرجال، لذا عليها أن تدرك هذا الأمر من البداية لتتمكن من مجابهته بقوة وثبات.
تجربة الفود بلوغر مسلّية للمشاهدين
كذلك تحدثت سارة عن موضة “الفود بلوغر” المنتشرة عبر السوشيال ميديا، وأنها تنظر إلى الأمر بإيجابية بالقول: “سعيدة بأنه بات هناك وعيّ وتغطية أكبر من السابق لمجالنا، وهذا الأمر في غاية الأهمية، ولكن يجب التأكد من أن المحتوى الذي يُنشر صحيح ويحمل رسالة لتحسين العالم”، وتلفت إلى أن “عادة نشر الوصفات ومحتوى الطبخ عبر قنوات اليوتيوب والانستغرام ليست كلها صحيحة ولكنها مسلية للمشاهدين”.
وتسعى الشيف الأردنية للحفاظ على رشاقتها كأي شابّة في مثل سنّها، فتحرص دائماً على الحركة ولعب رياضة الكيك بوكسنغ لحرق السعرات الحرارية التي تكتسبها خلال الطهي.
وتختار سارة عقل كل المطابخ ولكنها تفضّل المطبخ الإيطالي والطعام من كل بلدان البحر المتوسط، وقد أسّست مشروعها الجديد وهو مطعم في عمان يحمل اسم Dara dining by Sara Aqel. أما عن المكوّنات التي لا تتخلى عنها في مطبخها فهي: زيت الزيتون، الليمون الحامض، العجين، والأعشاب الخضراء.
اترك ردك