في العام 2016، قرّرت نادين مرعبي تعلّم الخياطة بنفسها وأسّست علامتها التجارية في مانشستر، بريطانيا. نشأت نادين وسط بيئتين مختلفتين، واستوحت منهما عناصر عدة دمجتها في أسلوب أنيق. تصاميم نادين أصبحت مصدر بريق لكل امرأة تبحث عن أزياء تنبض بالحياة. وبعد أن اكتشفت نادين حبّها للموضة، نمّت موهبتها بنفسها وتحدّت الصعوبات وواجهت الضغوط ونجحت بتخصيص وقتٍ لكلٍّ من عائلتها وعملها بتوازن. لدى علامة نادين مرعبي اليوم ما يزيد عن 1.2 مليون متابع على “إنستغرام”. وقد اختار العديد من المشاهير تصاميم نادين، ومن بينهم: أليكس إيرل، كلير روز، صوفيا فيرغارا، بيكي هيل، بورتيا فريمان وزارا مارتن. في هذا الحوار، نتعرف أكثر إلى نادين المصمّمة والأم وسيدة الأعمال الطموح التي لا ترى الفشل محطة أساسية لإكمال مسيرة النجاح.
– كيف اكتشفتِ شغفك بعالم الموضة؟
لطالما عشقتُ الموضة وتفاصيلها، لكن الأمور تغيّرت عندما بدأتُ المشاركة في المناسبات، ووجدت أنني بحاجة دائماً إلى ملابس جديدة لأرتديها. والمفارقة أنني لم أكن أجد ما يعجبني في المتاجر، ولذلك قرّرت تصميم ملابسي بنفسي.
– مَن شجّعك على تأسيس علامتك التجارية الخاصة في العام 2016؟
لم يشجّعني أحد على ذلك، بل شعرت في داخلي برغبة جامحة لتأسيس علامة تجارية خاصة بي. انتابني إحساس غريب بأنه يجدر بي اتباع هذا المسار تحديداً، علماً أن الأمر لا يقتصر على تصميم الأزياء فحسب وإنما تمكين النساء ومحاولة تعزيز ثقتهن في أنفسهنّ. هذا ما أعشقه بالضبط.
– مَن يُلهمك؟
النساء اللواتي أعمل معهنّ، بحيث أشعر أنه يجدر بي تقديم الأفضل على الدوام، والتأكيد لهنّ أن النساء يستطعن فعلاً التحلّي بالقوة والعزيمة والإصرار. نعم، باستطاعة المرأة أن تكون أمّاً وسيدة أعمال في الوقت نفسه. أريد تمكين النساء وإلهامهنّ.
– إلى أي امرأة تتوجّه تصاميمك؟
أصمّم لكل امرأة ترغب في أن تكون مميزة وتعبّر عن شخصيتها بملابس فريدة لا تشبه أية ملابس أخرى. فلكل امرأة شخصيتها الفريدة، ومن الرائع أن تكون ملابسها وإطلالاتها فريدة أيضاً.
– ما الذي يميّز تصاميمك عن غيرها؟
أعتقد أن الاهتمام بالتفاصيل والحِرفية هما أبرز ما يميّز تصاميم نادين مرعبي عن غيرها. وكما ذكرت آنفاً فإن أحد أهدافنا الرئيسية هو تمكين المرأة. أريد من كل امرأة تختار تصاميمي أن تشعر بأنها الأفضل والأكثر ثقةً في نفسها. نحن نبذل الكثير من الجهد لتنسيق التصاميم والملابس، وأحرص دوماً على جعل السراويل والبذلات طويلة قدر المستطاع لنتمكّن لاحقاً من تفصيلها وفقاً للطول المثالي لكل امرأة. كما أن العديد من تصاميمي يحتوي على مشدّات خفيّة لتحديد تفاصيل الجسم بالشكل الصحيح من دون أن يكون ذلك ظاهراً للعيان.
– كيف تصفين مجموعتك الجديدة؟
مجموعتي الجديدة Resort Collection ليست مصمّمة للمناسبات فقط. فقد أردتُ ابتكار تصاميم يمكن ارتداؤها في العطلات، وتكون في الوقت نفسه سرمدية وملائمة لكل الأوقات والفصول والمناسبات، مع الإبقاء طبعاً على جوهر تصاميم نادين مرعبي. إلا أن الطابع الإجمالي للمجموعة الجديدة يميل أكثر الى أجواء الاسترخاء والمرح في العطلات.
– ما أبرز التحدّيات التي واجهتك لغاية اليوم، وكيف تخطّيتها؟
لا شك في أن نمو الأعمال لجعلها بمستوى عالمي هو بمثابة تحدٍ مستمر. لقد كبُرت علامتي التجارية بسرعة قياسية خلال فترة زمنية قصيرة جداً. وقد نجحنا في الانتقال إلى مقرّ عمل أكبر وزيادة عدد الفريق من 30 إلى 100 شخص في غضون 12 شهراً فقط. ولم يكن هذا التحدّي الوحيد الذي واجهناه خلال عملنا. فخلال جائحة كورونا، عانينا مشاكل كثيرة تماماً مثل العديد من العلامات التجارية الأخرى، لكننا نجحنا في تحويل السلبية إلى إيجابية من خلال إطلاق مجموعة بيجامات “دارسي” الفاخرة. واللافت أن تلك الخطوة كانت كفيلة بتغيير كل شيء بالنسبة إلى العلامة التجارية، إذ جعلتها تزدهر وتنمو بشكل ملحوظ.
– كيف أثّر النجاح فيك؟
نجاح هذه العلامة التجارية غيّر حياتي من نواحٍ كثيرة. فقد نجح الإبداع والابتكار في جعلي أكثر رضىً عن نفسي والتأكيد لي مرة بعد مرة أن لا قيود على ما يمكنني ابتكاره أو تصميمه. وأؤكد لك أنني أشعر بالكثير من الفرح والفخر عندما أرى الناس في كل أنحاء العالم يرتدون تصاميمي ويشعرون بالرضا عن أنفسهم عند ارتدائها. وهذا النجاح ألهمني لمواصلة الحلم والسعي وراء أهداف لم أكن أعتقد أنها ممكنة.
– أنت مصمّمة لبنانية-بريطانية. هل أُتيحت لك فرص جديدة بفضل الدمج بين ثقافتين مختلفتين؟
أعتقد أنني أدمج بين الثقافتين من دون أن أعي ذلك. يحصل الأمر بطريقة عفوية في اللاوعي. يقول لي الناس غالباً إنهم يلاحظون لمسات لبنانية في تصاميمي. أعتقد أن ذلك يظهر في شكّ الخرز، والألوان الجريئة الغنية، والتطريزات والمهارة الحِرفية.
– هل من موقف صعب أو محرج واجهته يوماً مع زبونة؟
حصل ذلك ربما في بداية مشواري المهني، عندما بدأت أصمّم الملابس حسب الطلب. لم أكن أفهم دائماً ما تريده السيدة بالضبط من المرة الأولى، وكنت أشعر بالكثير من الإحراج عندما أرى أن السيدة لم يعجبها التصميم الذي ابتكرته خصيصاً لها. لكنني أدرك الآن أن تلك المرحلة هي من دون شك جزء أساسي ومفصلي في مسيرتي المهنية لأنني تعلّمت الكثير من ردود فعل الزبائن، واعتدت أكثر على التصميم لأنواع مختلفة من النساء، لكلٍ منهنّ طلباتها الخاصة والفريدة.
– إذا أُتيحت لك فرصة تغيير شيء واحد في مسيرتك المهنية، ماذا تختارين؟
بصراحة، لن أغيّر أي شيء في مسيرتي المهنية. إنها من دون شك مسيرة استثنائية، لأنني علّمت نفسي الخياطة من دون أي مساعدة أو تدريب حِرفي متخصص. وأعتقد أن هذا ما يميّز علامتي التجارية عن غيرها. لا أتخيل مسيرتي المهنية بشكل مختلف أو مسار آخر، وأنا ممتنة كثيراً لما وصلنا إليه اليوم، لكننا لن نتوقف عند هذا الحد بل سنتابع المسيرة ونواصل التطور.
– مَن هي المرأة التي تتمنّين أن ترتدي تصاميمك يوماً ما؟
أختار منى قطان أو أمل كلوني. يعجبني كثيراً أسلوب كل منهما، وأعتقد أن تصاميم نادين مرعبي تناسبهما كثيراً.
– مع تزايد هيمنة الذكاء الاصطناعي على كل القطاعات، ما هو التطبيق الذي يجعل عملك أسهل؟
بدأنا أخيراً في استخدام تطبيق Microsoft Teams بسبب توسّع العمل وفريق العمل. وأعتقد أن هذا التطبيق رائع فعلاً لأنه يسهّل التواصل بيننا ويساعدنا على التنظيم والنمو بشكل مطرد ومتناسق.
– كيف توفّقين بين حياتك المهنية وتلك العائلية؟
أعتقد أن وجود الحياة المهنية والحياة العائلية في الوقت نفسه هو التوازن بحدّ ذاته. فالأمومة تساعدني كثيراً في عملي لأنها تعطيني شيئاً جديداً لأفكر فيه. قبل أن أصبح أمّاً، كنت أكتفي بالعمل بدون أي شيء آخر، وهذا طبعاً ليس أمراً جيداً. فالمرء يحتاج دوماً إلى قسط من الراحة لاستجماع القوّة والطاقة والانطلاق من جديد بفكر واضح وغير مشوّش. لهذا السبب، أحرص على تخصيص وقت معين للعمل والعائلة كل يوم، وأحاول ألاّ أخلط كثيراً بين الأمرين لأنني لن أجيد حينها أداء دور الأم أو المصمّمة إذا قمت بالدورين في الوقت عينه.
– نصيحتك لكل شابة عربية ترغب في تأسيس عملها المستقلّ أو توسيعه.
جيداً على ما ترغبين القيام به وكوني واثقة من نفسك. قد يحاول الأشخاص أحياناً إثباط عزيمتك، لكن لا تكترثي لهم ولا تنظري وراءك. لا تصغي إليهم ولا تهتمي لتشويشهم. لا يهمّ إذا ارتكبت خطأ أو فشلت في مكان ما. المهم أن تتعلّمي من هذا الخطأ أو الفشل وتنطلقي إلى الأمام.
– مشاريعك المستقبلية؟
أركّز حالياً على التوسّع العالمي للماركة، مع التركيز بشكل خاص على الأماكن التي نلاحظ فيها اهتماماً حقيقياً بالماركة. أحب الخوض أكثر في مجال الأكسسوارات في المستقبل، والتمكن من ابتكار إطلالة كاملة للسيدة من أعلى رأسها وحتى أخمص قدميها. هناك الكثير من المشاريع التي أحضّر لها حالياً وأتحرّق شوقاً لعرضها أمام الجمهور قريباً.
اترك ردك